IMLebanon

العهد.. الأفق المسدود

 

إذهبوا إلى استشارات نيابية، ويكفي تمييع للدستور اللبناني ومخالفة له، التغاضي عن تحديد موعد الاستشارات لن يحلّ مشكلة العهد وعنق الزجاجة الذي دخل فيه النصف الثاني من ولايته، وعلى العهد ومستشاريه والحاكمين باسمه «القوي» أن يعترفوا أنّ استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أفقدته توازنه إلى حدّ يتساءل فيه اللبانيّون هل العهد عاجز عن «تأمين» حكومة لتسيير أمور البلاد، وتنقذ العهد من الفراغ الذي يلوح في أفقه للمرة الثالثة في تاريخ تجارب سيّد العهد السياسيّة؟!

 

الأفق مسدود، وأغلب الظنّ أنّ هذا الأفق المسدود ذاهبٌ باتجاه الانفجار الكبير، لأنّ السلطة لم تفهم رسالة المليونيْ لبناني الذين ملأوا الساحات بتظاهراتهم، أو بمعنى أدقّ  هي لا تريد أن تفهم خصوصاً بعدما اجتمعت ووضعت شارعها البرتقالي في مواجهة «الثّوار» على الفقر والفساد وكل أنواع الاستهانة بحياة الإنسان اللبناني وحقوقه.. وما يؤكّد ما ذهبنا إليه من أنّ هذه السلطة لم تفهم ولا تريد أن تفهم، غير الاستهانة بالدستور وعقول اللبنانيين، وممارسة خديعة «التأليف قبل التّكليف» لنشاهد مجدداً بالأمس الوزير جبران باسيل في بيت الوسط، ونودّ هنا أن نلفت الرئيس سعد الحريري ونتمنّى عليه أن يحفظ ما تبقّى من رصيده السياسي وماء وجهه، فلا يُشارك في هذه اللعبة، فليترك للعهد «عبقريّة» الوزير جبران باسيل وليألفوا حكومة لون واحد، ودعونا نجلس ونتفرّج..

 

تحديد الأحجام أمر ضروري جداً في بلد مثل لبنان، والمشكلة مع فريق العهد أنّه ادّعى «انتفاخاً» وحجماً لا يناسبه لا من قريب ولا من بعيد، «انتفخوا» إلى حدّ الانفجار، حان الآن وقت معرفة الحجم الحقيقي، حان وقت شي من العقلانيّة، مع قناعتنا التامّة بأنّ فريق العهد لن يعترف أبداً أنّ ممارساته أوصلت لبنان والعهد إلى هذه اللحظة الحرجة!

 

من واجبنا التوجّه إلى الرئيس سعد الحريري وتذكيره بأهمّ موقف اتخذه والده الرئيس الراحل رفيق الحريري عندما رفع الصوت عالياً «يستطيعون أن يجبروني على انتخاب ميل لحود رئيساً، لكن لا يستطيعون أن يجبروني أن أكون رئيس وزراء»، قد يكون هذا هو الدرس الأهم الذي فهمه الرئيس رفيق الحريري من ممارسة السياسة، المطلوب منه أن يكون صورة براقة لدول العالم، فيما على وجه الحقيقة أرادوه أسير مواقفهم ملبٍ لطلباتهم خاضعاً لأوامرهم، ولا ننصح أبداً الرئيس الحريري الإبن على قبول رئاسة حكومة رفضها والده ورماها في وجوه المتآمرين عليه وعليها!

المقلق فعلاً، أن هذا العهد يتصرّف وكأنّه منفصل عن الواقع، وعن الشّارع، مليوني لبناني يترقبّون لحظة إعلان موعد الاستشارات نيابيّة وكلّ تأخير يزيد الشارع اشتعالاً، ولا يبدو أن الجماعة فهموا أنّ اللبنانيين لا يريدون جبران باسيل قبل الجميع ومعه كلّ الوزراء المستفزّين في أي حكومة جديدة، ومن المؤسف أن يكون تأخير ارستشارات النيابيّة هو سعي لتأليف حكومة تسبق تكليف رئيس بها ـ وفي هذه مخالفة كبر للدستور لم نسمع صوتاً يرتفع مندداً بها ـ فقط من أجل توزير «صهر العهد» وطموحاته الرئاسيّة!

 

كان الله في عون لبنان، الأيام المقبلة خريفيّة سوداء بامتياز، والشّارع اللبناني «القوي» محتقن وقلق ورافض بإصرار لكلّ محاولات الالتفاف على ثورته، كان الله في عون العهد أيضاً متى انفجرت كرة نار الشارع في وجه الجميع ولن تنفع حينه كلّ تذاكيات الوزير جبران باسيل وكلّ خطاباته الشعبوية والعنصرية المستفزّة في إطفاء نار الشارع التي ستحرق مستقبل هؤلاء الطامعين وتعيدهم إلى أحجامهم الحقيقيّة وترسلهم إلى بيوتهم منهية مسيرتهم السياسيّة بكلّ أوهامها وأحلامها الرّعناء!