IMLebanon

بقرة الشّعب

 

 

واحد من أفضل الأخبار التي لا بدّ أن تترك أثرها الإيجابي على نفسيّة الشعب اللبناني الباحث عن السعادة بفعل تراكم الاكتئابات السياسيّة الشنيعة التي تسيطر على يوميّاته، الخبر قرأته مساء أمس فأصابني بنوبة ضحك حقيقي ومن القلب، في العالم غرائب «تجاريّة» سيكون ردّ فعل الشعب اللبناني «مسبّة» من العيار الثقيل،هل يوجد مواطن لبناني على استعداد أن يدفع 75 دولاراً عن شخصين ليعانقا بقرة لمدّة ساعة، حتى يشعران بالسعادة، «بالآخر طلع» أن معانقة البقر تمنح الإحساس بالسعادة، ولكن في أميركا، وهولندا، أما في لبنان فنشكّ في ذلك!

 

«تُقيم مزرعة ماونتن هورس فارم» في نيويورك جلسات عناق مع البقر، وخلال هذه الساعة يمكنهم تمشيطها أو معانقتها»، تقريباً هذا المبلغ يحتاج اللبناني أضعافاً مضاعفة له بدل زيارة طبيب أعصاب يصف له مجموعة من أدوية الاكتئاب والأعصاب، وغالباً عندما «يُعصّب» اللبناني خصوصاً خلال قيادته للسيارة، يردّد جملة شهيرة «عالم متل البقر» ـ نتمنّى أن لا تُصنّف هذه الجملة في باب التنمّر على البقر ـ فيما يتضّح أن البقر مصدّر للسعادة وليس للألبان والأجبان واللحوم فقط!

 

تحتاج الشعوب العربيّة المكتئبة بشكل جماعي أن تستورد حكوماتها لها بقرة لكل مواطن، تتكفّل بتحسين نفسيّته وتشعره بسعادة تفتقدها بلاده، وهذا أوفر بكثير من هدر الأموال على ثمن أدوية غالباً ما يغرق العربي في الكآبة مجدداً متى توقّف عن تناولها، ولتستخدم هذه الدول الأجبان والألبان والتزاوج والتكاثر في الصناعة والزراعة فتزيد  قدراتها الإنتاجيّة، وليكتفِ مواطنوها بالعناق والتمشيط فقط، ولدينا في العالم العربي مشاعات متسعة يستطيع المواطنون أن يصفّوا فيها بقراتهم ويرتاحون إلى جانبها.

 

يشير الخبر أيضاً أنّه في هولندا يكون لمعانقة بقرة هولندية أثر لطيف على الأشخاص ويمنح المرء شعوراً بالثقة، بحسب مزرعة كاستاني هوف الواقعة في قرية بيتس بشمال غرب البلاد، تستدعي هكذا أخبار أن نفكّر فعلاً بأنّ هولندا بلاد البقر السعيدة فعلاً، وأنّهم يحترمون أبقارهم، فيما لا يجد المواطن العربي من يحترمه ويشعره بالذل بقدر بقرة هولنديّة!

 

 

منذ قراءة هذا الخبر بالأمس وسؤال واحد يشغل بالي، هل تشعر البقرة نفسها بالسعادة إذا عانقها إنسان، ألا يستحقّ الأمر أن يكون الشعور بالسعادة متبادلاً بينها وبين البشر؟! وإذا كان بمقدور الإنسان أن يعانق بقرة، كيف تعانق البقرة الإنسان بأي قائمة من قوائمها؟!

 

أخوف ما نخافه على المواطن العربي، هو أن تقرّر حكوماته أن تخصص لكلّ مواطن ثوراً، فحكوماتنا وحكّامنا محبّون لمواطنيهم، وهم يعزّون الثيران كثيراً بفعل «الذكوريّة» المتأصّلة في مجتمعاتنا والنهايات «الثوريّة» الدموية ستكون أشبه بمهرجان إسباني تركض فيه الناس والثيران تركض وراءهم، فيما تركض شعوبنا والرغيف يركض أمامها، أمّا في لبنان، فيا حسرتنا، لن نستفيد من هذه السعادة، إذ لا يزال علينا أن ننتظر مسألة تشكيل حكومة تبتّ في أمر البلاد والعباد.

 

للمناسبة يشير الخبر أنّه وبحسب الحزمة التي يختارها زائر المزرعة النيويوركيّة من بين الحزم الأربعة يمكنه أيضاً الاقتراب من الأحصنة القزمة والعادية في المزرعة، حقيقة لا عقل في العالم يتفوّق على الرومانسيّة الأميركيّة عندما تبحث عن المال!