IMLebanon

الأبواب الموصدة  

 

كلهم يقولون بخطورة الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية، والمفارقة أن الجميع يتهم الجميع ويبرئ نفسه.  والمواطن هو الذي يحمل الأعباء وقد بات عاجزاً عن القيام  بتكاليف الحياة ولو في حدودها الدنيا.

 

أخطر ما في الأزمة أنها تفجرت بتداعياتها دفعةً واحدة ليجد اللبنانيون أنفسهم في فم التنين كأنهم يقبضون على الريح بعدما كان نمط حياتهم استثنائياً لجهة قدرتهم على التعامل مع متطلباتهم «وحبة  مسك» وزيادة. كانوا في نوع من «اللوكس» وذاك كان نمط عيش فريداً نشأ عليه اللبناني منذ ما قبل قيام «لبنان الكبير» الذي نحتفل، بعد شهر، بحلول مئويته الثانية. دفعةً واحدة سقطت مقومات الصمود الاقتصادي – الاجتماعي كاملةً، فلا سياحة. ولا تجارة. ولا قيمة للمرتبات والتعويضات والمداخيل عموماً. ولا قدرة شرائية. ولا دولارات. ولا مدّخرات يمكن الاستفادة منها. ولا جنى العمر…

 

ولو أردنا أن نبحث في الأسباب لدخلنا في متاهة غير مسبوقة جراء تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات. إنما الواقع، في تقديرنا، يعود إلى فشل السلطات المتعاقبة، بما فيها السلطة الحالية التي عجزت عن فتح أبواب (بل مجرد باب واحد) في الجدار الموصد. فبات لبنان في شبه عزلة إقليمية ودولية باستثناء طريق بيروت – دمشق – طهران. وهو طريق مثقل بالمحاذير السياسية والاقتصادية و… العقوبات الأممية والدولية. والطرفان الأخيران في هذا الطريق يعانيان مثل معاناتنا وربما أكثر.

 

وبالتالي، فإن هذه العزلة أوقعت لبنان في عجز مطبق. والسعي إلى فك العزلة لا يكون بالكلام إذ لا يمكن تجاهل ضرورة الإبتعاد عن الانحياز سواءً أكان  ذلك يتم تحت ما يسمى نأياً بالنفس أو لا شرق ولا غرب أو حياداً. وهذا يبدو بعيداً. ويكفي النظر إلى الحملة الجانية المتمادية على سيد بكركي لندرك كم أن الهجوم على الحياد بلغ شراسته المستمرة حتى الآن.

 

وأزمة لبنان لم يُكتب لها الحل، في تقديرنا أيضاً، إلا بتوافق وطني حقيقي ينبثق من إرادة صادقة، ومن التخلي عن الأنانيات ووقف النزف في وقت أقفلت فيه أبواب الحوارات كلها. وينبثق كذلك من العمل جدياً على حل لا يقرره طرف واحد إنما يكون بالإجماع.

 

ولكن، كيف يحصل ذلك والأقوام يقاطعون بعضهم بعضاً ولا يتخاطبون إلا بلغة الاتهامات والشتائم والتهرب من المسؤولية.