IMLebanon

الخوف … شجاعة في لبنان

 

 

اخاف من تبسيط تعقيدات التجربة الوطنية اللبنانية، واخاف من اختصار لبنان بتعريفات طائفية ومذهبية وحزبية ومناطقية وعائليّة، واخاف من تعاظم الخفة في التعامل مع التطورات المصيرية والخطيرة، واخاف من محاولات تجاوز اشهر طويلة من حرب الابادة وعشرات الاف القتلى ومئات الاف المشردين والنازحين، واخاف من تجاهل الالام والأحزان في بلدنا ومن حولنا، واخاف من العجز والخمول في زمن يستدعي اليقظة والتنبه، واخاف من توهم الصغار التحالف مع الكبار.

 

الخوف اول تجليات المشاعر الانسانية، والخوف على النفس ومن النفس والخوف على الاخر ومن الاخر، والخوف ارفع مظاهر الشجاعة، والخوف هو المحفز نحو التقدم والابتكار والنجاح، والخوف على الاوطان من سمات القادة الكبار، الخوف هو الوعي التراكمي في ذاكرة الانسان، الخوف هو الرادع الفردي والجماعي من الشذوذ والانحراف، والخوف حافظ روح التنافسية من المخاطر في كل مجال، الخوف هو الانسان منذ ان كان الانسان.

 

رأس الحكمة مخافة الله، والعدالة مخافة القانون، والنجاح مخافة الفشل، والسلامة مخافة المرض، والبطولة مخافة الهزيمة، والمودة مخافة الوحدة، والمعرفة مخافة الجهل، والإنسانية مخافة الإنسان على الإنسان، وكثيرة هي معادلات الخوف وتأثيرها على الوعي والواقع، واستحضارها في هذه المرحلة الشديدة الخطورة  يعتبر شجاعة وطنية عالية بعد عقود طويلة من الانتكاسات الصادمة والموجعة والانخراط في متاهات النزاعات والتعصب وتحلل المؤسسات في لبنان.

 

ان خلاص لبنان يبدأ بالخوف على لبنان والخوف من العودة إلى ادارة الأزمات وتقدم الاستثناءات على قواعد الانتظام، والخوف على لبنان ، والخوف من عدم تحمل المسؤولية والهروب الى الأمام والأوهام، والخوف من الاستمرار في صناعة الكراهية بين المكونات وداخل المكونات، والخوف من الرغبة في الإنتقام والانتقام المضاد، ان خلاص لبنان يبدأ من مراجعة الاسباب التي حولت لبنان التألق والازدهار والنجاح الى دولة فاشلة ومخيمات نزوح ولجوء لأبناء لبنان والجوار على حد سواء، ان خلاص لبنان يبدأ بالتوقف عن الارتجال والادعاء، وخلاص لبنان الان هو  في أن نجعل من الخوف… شجاعة في لبنان.