IMLebanon

التأزم بلغ ذروته في ظل انزعاج سعودي كبير حوار ثنائي صوَري… فماذا عن الحكومة؟

لا يدلّ استمرار الإجراءات الخليجية في حق لبنان إلا على أن البلاد انتقلت من حقبة الحرب الباردة أو الصامتة للصراع السعودي – الايراني، إلى المواجهة الساخنة التي تضعها في قلب العاصفة الاقليمية، ليس بسبب أداء سياسي داخلي سعى إلى تحييد لبنان عن هذا الصراع، بل بسبب تحول فريق لبناني هو “حزب الله” إلى لاعب إقليمي بات يتعذر بالنسبة الى الخصوم الاقليميين القضاء عليه ضمن أطر السياسات التقليدية المتبعة منذ بروز الحزب في الحرب السورية.

بات ثابتاً أن خيار النأي بالنفس الذي انتهجه لبنان مدى أعوام الازمة السورية، انتهت صلاحيته، وباتت الحكومة مدعوة إلى حسم خياراتها في شكل أوضح بما يرضي المحيط العربي الذي يعيش وسطه.

وإذا كان استمرار دول الخليج في اتخاذ إجراءات عقابية في حق لبنان، (هي متخذة عملياً منذ بضعة أعوام)، يؤشر لعدم اكتفاء سعودي في الدرجة الاولى وخليجي في درجة ثانية بالمواقف التي اتخذتها الحكومة والقوى السياسية التي تدور في الفلك العربي عموما والسعودي خصوصاً، في وجه امتداد النفوذ الايراني، فإن هذا يعني أن المحظور الذي كان يتهدد الوضع الداخلي قد حصل، وان البلاد دخلت مرحلة من التأزم غير المسبوق ينذر بزعزعة الاستقرار السياسي والامني الهش الذي تصارع للمحافظة عليه، مظللة بدعم دولي. وللمفارقة، لم يُرصد أي موقف دولي من التطور السعودي الاخير باستثناء الموقف الفرنسي الذي عبّر عنه السفير إيمانويل بون، باعتبار أن فرنسا هي الطرف الثالث في اتفاق الهبة السعودية.

بدا واضحا من رد الفعل السعودي خصوصا والعربي عموما، الانزعاج أو بالأحرى الخذلان من موقف الحكومة اللبنانية الذي لم يأت على مستوى يخفف الانطباعات السعودية الخائبة، على ما تقول مراجع سياسية بارزة، مضيفة أن الموقف الرسمي اللبناني لم يكن قويا كفاية، بل على العكس جاء مخيبا، ويعزز الالتباسات القائمة حيال موقف لبنان من القضايا العربية.

وقالت: “جلّ ما تطلبه المملكة من لبنان أن يكون عربيا وأن يرفض عملية خطف هويته الحاصلة حاليا”، مبدية أسفها للاستخفاف الذي تم التعامل به مع هذا الموضوع، وهو ما أشار اليه صراحة السفير السعودي علي عواض عسيري عندما دعا في حديث الى “وكالة الصحافة الفرنسية” أمس الحكومة إلى “معالجة الاخطاء التي ارتكبتها جهة معينة فيها بحق بلاده، بحكمة وشجاعة”، متهماً “أحد كبار المسؤولين فيها بارتكاب خطأين تجاه المملكة، وهو ما أزعج قيادتها”.

وفي رأي المراجع، أن النتائج الاولى للتصعيد السعودي ستظهر عبر 3 محطات مهمة من شأنها أن تعيد خلط المشهد السياسي برمته، بحيث يكون الوضع الأمني على المحك:

– أولاها على طاولة الحوار الثنائي الذي تعثر قطاره أمس، ما استدعى اتصالات كثيفة على محوري بيت الوسط وبروكسيل (حيث الرئيس نبيه بري) من اجل عقد الجلسة المقررة ولو بشكل صوَري، وهذا يعني أن سياسة ربط النزاع التي حكمت العلاقة بين “المستقبل” و”حزب الله” ربما تكون وصلت إلى خواتيمها، والحوار الذي انعقد لهدف واحد هو تأمين التواصل والاستمرارية، سقطت حججه، ولن ينفع ما لم ينجح التيار “المستقبلي” في إقناع الحزب بالعودة الى الحضن اللبناني والخروج من سوريا ووقف حملاته على المحيط العربي والسعودية في الطليعة.

– المحطة الثانية عند رئيس الحكومة تمام سلام الذي عجز عن تأمين مواعيد للجولة الخليجية التي كلفه بها مجلس الوزراء. وبدا السفير السعودي قاسيا وحازما في الكلمات القليلة التي أدلى بها من السرايا عندما كشف أن سلام حمله رسالة الى قيادته وسينقلها كما هي.

– أما المحطة الثالثة فتذهب في اتجاه الحكومة التي باتت مهددة بمصيرها وبقائها، بعدما بدا واضحا حجم الانزعاج من أداء بعض المكونات على ضفتي 8 و14 آذار، ومن عجز رئيس الحكومة ووزراء 14 آذار عن الخروج بالموقف الذي يلاقي التطلعات السعودية.