IMLebanon

هوية العميل

 

 

جاء قرار الأمم المتحدة بعدم التجديد لـ “اليونيفيل” إلا سنة واحدة، بمثابة إعلان عن انتهاء فترة السماح لاستمرار ازدواجية الدولة والدويلة.

 

لم تعد المراهنة على الوقت الضائع فرصة إلا في عقول قاصرة. فالقرار الأممي واضح لا لبس فيه، وهو يقضي بأن يُحْكِم الجيش اللبناني سيطرته التامة على كامل الأرض اللبنانية. وذلك في إطار استكمال خطوات المشروع المرسوم للمنطقة بموجب استغلال العدو الإسرائيلي عملية “طوفان الأقصى” وحرب “الإسناد” ليفتح الطريق لتنفيذها.

 

وإذا بقي لدى “حزب الله” ذرة من منطق، فلا بد أن يفهم ويستوعب أن تعامله مع هذا القرار لا يتم إلا عبر معطيين متناقضين، الأول يبني مقتضياته على مواصلة “الحزب” رفضه تسليم سلاحه إلى الدولة، ما يفتح المجال واسعًا لإسرائيل حتى تستمر في اعتداءاتها وجرائمها، مستخدمًا بيئته الحاضنة الجاهزة للانتحار الجماعي، بفعل عجزه عن حمايتها ومنحها مكتسبات من كعكة السلطة لم تعد متوفرة. و”الحزب” يعلم جيدًا أنه إذا رفع سقف تحديه للدولة، فهو لن يُحَصِّل من المكاسب شيئًا، حتى لو استقال وزراؤه من حكومة يتهم رئيسها بالعمالة، وهذا ما لن يتجه إليه ليقينه من قدرة هذه الحكومة برئيسها ورئيس الجمهورية على استبدالهم وفق الدستور والقانون.

 

وهو يعلم أيضًا أن شريكه في الثنائية ليس انتحاريًا، وربما عندما يفلِّس من وسائل التهديد والابتزاز سيفضل هذا الشريك تركه وحيدًا، والاستمرار على متن السلطة من خلال الدولة وحدها دون سواها، ليبقى الأقوى، أو من ضمن الأقوياء في التركيبة.

 

أما المعطى الثاني، فهو القبول والتسليم بأن الزمن الأول تحوَّل، فهزيمة “الحزب” وولي أمره الإيراني تفرض واقعًا جديدًا، وبإمكانه ومن خلال إخراجٍ ذكي تجاوز حالة النكران الانتحارية بعد خسارته أدواته التنفيذية، وينزل من برج أوهامه، ويمتِّن ثنائيته مع الشريك من خلال الدولة ومؤسساتها من دون سلاح لم يعد يمكنه أن يستقوي به، فينقذ بيئته من الانتحار الجماعي، ويقطع الطريق على العدو الإسرائيلي الذي اعتبر القرار “خبرًا جيدًا”.

 

لا خيارات لدى “الحزب”، ولن ينفع التهديد بالحرب الأهلية، كما لن تنفع غزوات كتيبة الأهالي لـ “اليونيفيل”، التي ستتولى في عامها الأخير تفكيك ما تبقى من مرابض مدفعية ومخازن ذخيرة تابعة له في مناطق عملها.

 

والأهم ليس صحيحًا ما يروّجه “الحزب” عن أن قرار السيادة يستهدف “المقاومة” بمؤامرة لنزع سلاحها. الصحيح أن الدولة بمؤسساتها الشرعية وجيشها الذي يقدم شهداء للوطن وليس للولي الفقيه، تعمل للقيام بواجب تحرير الأرض وإعادة الإعمار.

 

قرار تجديد مهمة “اليونيفيل” لعام واحد غير قابل للتجديد، يعني بوضوح أن المطلوب مساعدة الجيش ليتولى حفظ الأمن اللبناني، وليس الأمن الإسرائيلي. وإذا لم يسمح “الحزب بذلك”، فهو يفتح الطريق للعدو بتنفيذ أطماعه، وكالعادة بوسائل إجرامية ووحشية. حينها يجوز السؤال عن هوية العميل… وبالتأكيد هو ليس نواف سلام.