IMLebanon

“داعش” يلهينا والغرب يغرق في ردّ الفعل

لا يزال تنظيم “الدولة الاسلامية” يتصدر العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام العالمية من خلال مشاهد قطع رؤوس الضحايا التي تقع في قبضة التنظيم، فيحجب بذلك مجازر القتل الجماعية المروعة ويجعلها بعيدة من العين وبعيدة من القلب. ليست وحشية “داعش” وممارساته الهمجية سوى محاولات يائسة للفت الانتباه ونشر الخوف. إنها بمثابة قناع يُخفي خلفه التوسع الكبير للتنظيم الارهابي، كما أن ممارسات “داعش” تدفع وسائل الاعلام الى تجاهل الجرائم الحقيقية التي يرتكبها الطغاة القابعون في الحكم.

فالقتلة والعصابات العالميو الطراز، الضالعون في مجازر جماعية، يسرحون ويمرحون من دون رادع مما يؤدي الى اقتلاع الاشخاص من أراضيهم وترهيب الضعفاء، في حين أن من يملكون القدرة على التصرف وإحداث فارق منهمكون جداً بالرد بطريقة عشوائية وعلى غير هدى على الدراما التي يروجها تنظيم “داعش”.

والنتيجة هي رد انفعالي غير مدروس، عروض قوة تهدئ النفوس موقتاً وتحوّل الانظار عن المشكلات الحقيقية المطروحة. فالتركيز الاعلامي على “داعش” يتيح للمجرمين ان يرتكبوا جرائمهم ينجوا بفعلتهم من دون عقاب، أو أسوأ من ذلك، يخططون لجرائم جديدة وينفذونها.

ولعل رد الفعل الاردني على حرق الطيار معاذ الكساسبة حيّاً خير مثال على رد الفعل الهادف الى تهدئة الغضب الشعبي من دون تحديد أهداف طويلة الأمد.

خلال حرق الكساسبة، تجدّدت الديبلوماسية المكوكية، وبرز الحديث عن جهود غربية لتعزيز سيادة العراق والسعي إلى اضطلاع الأكراد بدور أكثر وضوحاً من أجل التوصل إلى حل دائم وتحقيق الاستقرار في المنطقة بأسرها. كانت هذه الخطوة لتشكّل مؤشراً إيجابياً لولا الأمثلة الفاشلة الكثيرة عن التقاعس الغربي او التحركات السيئة التوقيت.

في اليمن، يُحكم الحوثيون الشيعة المتطرفون قبضتهم الآن على البلاد، بينما تتحوّل ليبيا بسرعة مقراً جديداً لتنظيم “داعش”، ويختطف القادة العسكريون في مصر الثورة.

على الجبهة السورية، يستمر بشارة الأسد في الحكم ويستمر تساقط القتلى بأعداد أكبر من الذين قتلهم “داعش”. تقترح الولايات المتحدة الآن سيناريو لمشاركة في السلطة بين الأسد والمعارضة. ويبدو أنه لم توضع خطة لمعالجة الأزمة المترتبة على انتشار ملايين النازحين في مختلف أنحاء المنطقة، كما أنه ليست ثمة خطة واضحة لهزم “داعش”.

في حين يُلهينا تنظيم “داعش” بمسرحياته وعروضه الدرامية الدموية، يعيث الطغاة في الأرض فساداً حفاظاً على نفوذهم، فيما تتعامل دول الخليج الغافلة مع التهديدات وكأنها مجرد مصدر للإزعاج، وتتصرّف وكأنها في مأمن من تلك التهديدات، أما الدول الغربية فتكتفي بالكلام الفارغ المضمون.

إذا لم تُنقَل المعركة إلى عقر دار “داعش” ولم تطلق مواجهة مباشرة وعنيفة ومكلفة لمطاردة هذا التنظيم من مكان إلى آخر والقضاء عليه، سوف يتحوّل كابوس الخلافة الإسلامية واقعاً على الأرض في وقت قريب جداً، وسوف يُهدّد الجميع من دون استثناء.