IMLebanon

دار الفتوى تضع النواب السنّة أمام مسؤوليّاتهم لاختيار الرئيس

بكركي على الخط الرئاسي .. ومخاوف من زيادة التشرذم المسيحي

 

شكل الملف الرئاسي أحد البنود الرئيسية التي بحثت في لقاء دار الفتوى الذي دعا إليه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الى جانب الأهداف الأخرى المتعلقة بلمّ الشمل السني، بعدما أصاب الطائفة من تشرذم نتيجة غياب القيادة السياسية السنية على اثر انسحاب رئيس «تيار المستقبل» وخروجه من الحياة السياسية.

 

المفتي دريان أراد أيضا وضع النواب السنّة أمام مسؤولياتهم في إختيار رئيس جديد للجمهورية يحافظ على الطائف والدستور وشرعية لبنان العربية والدولية في الموعد المحدد .

 

يعني ذلك، كما يقول المتابعون، اهتمام دار الفتوى بالاستحقاق الدستوري ودخولها على الخط الرئاسي لحث النواب السنّة على ممارسة دورهم البرلماني في الاستحقاق المقبل، تماما كما حاولت بكركي أن تفعل لتوحيد الموقف الماروني من الاستحقاق، ولعدم حصول خلاف وانشقاق مسيحي، مع تسجيل مفارقة بين الطرفين ان الكاردينال بشارة الراعي لم يوفق في جمع المسيحيين حول موقف موحد من الاستحقاق الرئاسي، وتظهر حركة الزوار الى الديمان في العطلة الصيفية توافد المرشحين الرئاسيين «فرادى» ، مما يثبت عدم تمكن الراعي من تقريب وجهات النظر واستمرار التباعد بين المرشحين الموارنة وتوزعهم على جبهات.

 

فالانقسام المسيحي باق وترتفع وتيرته كلما اقترب الاستحقاق، على الرغم من الدخول المؤكد في مرحلة الشغور الحتمي ، حيث يستمر المرشحون الموارنة بالمناورات في مرحلة التسابق نحو كرسي الرئاسة الأولى.

 

فكل التوقعات تدل على ان الأسابيع القليلة المتبقية من عمر العهد الحالي، ستشهد المزيد من التشرذم المسيحي في السباق نحو بعبدا، فالفترة المتبقية من الولاية الرئاسية هي من دون شك مصيرية بالنسبة الى التيار الوطني الحر ، الذي يسعى الى شد العصب المسيحي حوله ورفع سقفه السياسي بالذهاب الى خطاب معارض، بهدف خلق حيثية خاصة وتحقيق مكتسبات لمرحلة ما بعد خروج الرئيس عون من بعبدا.

 

ومن المؤكد ان التيار سيطلق خطابا حزبيا مختلفا لم يكن قادرا على اطلاقه عندما كان الرئيس ميشال عون رئيسا في قصر بعبدا، خصوصا ان التيار سيكون مع تماس دائم مع الحلف السياسي الذي نشأ مؤخرا ويعمل «عالمكشوف» ضد العهد وتياره، كما يتردد في الدائرة العونية ، اذ يتهم العونيين الحلف بالانقلاب على رئيس الجمهورية في نهاية ولايته، ومحاولة تقزيم وتحجيم النائب جبران باسيل لقطع الطريق عليه من الوصول الى بعبدا، ومنعه من المشاركة في الإستحقاقات الدستورية .

 

يطرح اليوم داخل التيار سيناريوات متعددة للتعامل مع تعقيدات المرحلة المقبلة على شكل خطوات تصعيدية تقطع الطريق أمام مرشحين آخرين من الوصول الى بعبدا، حيث يعمل التيار اليوم على تحصين وضعيته الداخلية وتنظيم صفوفه.

 

المرحلة الدقيقة تشمل كل المرشحين الآخرين، فرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية يطمح للوصول الى الرئاسة الأولى، التي لم تصل إليه في الإنتخابات الرئاسية الماضية، ويدرك فرنجية حساسية الوضع الرئاسي والصعوبات التي تعترض طريقه الرئاسي، وأولها «الفيتو» الذي وضعه رئيس التيار الوطني الحر بحجة التمثيل النيابي وحجم الكتل .

 

ومع ان رئيس «تيار المردة» أوفر حظا من باسيل المحاصر بالعقوبات و»الفيتوات»، ومن رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الذي يجد صعوبة في تسويق نفسه رئاسيا لدى خصومه وحلفائه ، نتيجة رفض مجموعة من نواب ١٧ تشرين انتخابه، وتموضع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط رئاسيا في خانة البحث عن مرشح توافقي بمواصفات الرئيس الياس سركيس.

 

طريق جبران باسيل وسليمان فرنجية شاق رئاسيا، فالأول محاصر بالعقوبات و»الفيتوات»، في حين ان فرنجية مقبول سنيا وشيعيا ودرزيا لكن مشكلته الرئاسية مسيحية مع التيار و»القوات» ، كما ان فرنجيه لا يحظى بالغطاء المسيحي اللازم في مجلس النواب، فهو لن يحصل على تصويت نواب التيار بعد ان حدد باسيل مواصفات مرشحه الرئاسي الذي لا يتوافق مع مرشح له نائب واحد في البرلمان، وفق المطلعين فان فرنجية ليس مرتاحا لمسار ترشيحه، لأنه لا يرغب ان يكون مرشح تحد ويفضل ان يكون مرشح إجماع، لأن التحدي يعني ولاية رئاسية متعبة.

 

وينقل عن المطلعين على الحركة الرئاسية، ان أحدا من القيادات المارونية ليس في صدد التراجع، وهذا ما يقلق بكركي التي تتخوف من استمرار التشرذم المسيحي وعودة الانقسامات العامودية التي أدت الى أحداث دموية في الماضي، قبل ان تطوى الصفحة الماضية وتحصل المصالحات بين التيار و»القوات» في تفاعم معراب، وبين سليمان فرنجية وسمير جعجع لاحقا.