IMLebanon

داتا الإتصالات وفضيلة التسوية  

 

الذين ينكرون أن يكون قد حدث أي تغيير في لبنان ندعوهم للتوقف معنا، عند قرار لمجلس الوزراء أمس يبدو في ظاهره بسيطاً لكنه في واقعه مهم جداً. وهو تمكين الأجهزة الأمنية كافة من الحصول على «داتا» الإتصالات كاملة، وغبّ الطلب.

 

قد يقول قائل: وأين الأهمية في هذا القرار؟

والسؤال يبدو، من حيث المبدأ طبيعياً أمام أمر عادي. والواقع مغاير كلياً:

فهل نسينا الخلافات الشديدة التي كانت تنشب كلما طرح الموضوع ان في مجلس الوزراء أو في أي منتدى رسمي آخر؟

وهل نسينا أنّ الخلافات الحادة لم تكن على أساس كامل المعلومات التي تتوافر في «داتا» وزارة الإتصالات، بل فقط على أمر واحد أو تفصيل واحد أو جزئية واحدة؟.

وهل نسينا أن الصراع على حقيبة الإتصالات كان سببه، في مرحلة من المراحل، هو داتا المعلومات، بين من يريد حجبها، إلا بالقطارة، عن هذا الجهاز الأمني أو ذاك، ومن يريدها أن تكون في متناول الأجهزة؟

لا… لم ننس، ولم ينس أحد. فالصورة لا تزال ماثلة في الأذهان، وتداعيات تلك الحقبة جرجرت طويلاً قبل أن يخرج لبنان منها مع بداية عهد الرئيس العماد ميشال عون.

وهذا الواقع المستجد هو محصلة للتسوية السياسية التي أنتجت رئيساً للجمهورية هو العماد ميشال عون.

نعرف أن هذا الكلام قد يرى البعض فيه مبالغة. إلاّ أنّ الحقيقة يجب أن تعرف وأن تُقال أيضاً. خصوصاً إذا كانت تؤكد على تسوية وفاقية تاريخية، كان التفكير فيها (مجرّد التفكير) يبدو مستبعداً.

فمن فضائل هذه التسوية الإنسجام الكبير بين مختلف الأجهزة الأمنية. وهنا يجدر الإقرار بالدور الذي أداه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق واللقاءات التي عقدها إن في الوزارة أو في قيادة الجيش ووزارة الدفاع وطبعاً في القصر الجمهوري… وجاء هذا متوافقاً مع ما قال به الرئيس العماد ميشال عون عن حتمية التنسيق في ما بين الأجهزة، وبالتالي تجاوز بعض السلبية التي كانت تحكم العلاقة (ولا نزيد…) ويلمس اللبنانيون والعرب والأجانب أهمية هذا التنسيق وانعكاسه على المواطن والوطن أمناً راسخاً (…).

وفي تقديرنا أن أي محاولة للتشويش على التسوية، كائناً من يكون المشوّش، أو المحاول (…) هي بمثابة إساءة كبيرة الى هذا الوطن في أمنه واستقراره وسلامة بنيه والحياة فيه.

لهذا قلنا في مطلع هذا الكلام إن مسألة تمكين الأجهزة الأمنية من الإطلاع على «داتا الإتصالات» كاملة إنما هو إنجاز كبير واحدى فضائل التسوية… وإلا فليس أمامكم سوى التجربة المرة من الخلافات والمماحكات و… العمليات الإرهابية!