IMLebanon

«موت» خامنئي و»قيادة» سليماني!

تزامن ـ في اليوميْن الماضييْن ـ خبران لكلّ منهما وقعه الإقليمي «الثقيل» على المنطقة، في ظلّ استحقاق آخر آذار شبه المصيري لإيران قبيل الموعد النهائي للمفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران عبر الوسيط الأوروبي، الخبر الأوّل نقلته صحيفة «الفيغارو» الفرنسية ونسبته إلى تقاطع عدة مصادر في أجهزة الاستخبارات الغربية عن «دخول المرشد الإيراني «علي خامنئي» المرحلة الرابعة، من سرطان البروستات، أي أن الورم الخبيث انتشر في كل جسمه»،وأن معرفة هذا «السرّ» مقتصرة على ديوان الخامنئي، الذي يديره «محمد غولبايغاني»، وفتحت الصحيفة انطلاقاً من هذا ملفّ خلافة الخامنئي  على مصراعيْه.

الخبر الثاني شديد الفجاجة ـ وهي عادة إيرانيّة فرضت نفسها خلال السنوات الماضية ـ فقد تصدّر ظهر أمس كلّ المواقع الإخباريّة ونقلاً عن وكالة أنباء فارس عنوان «المحطة الجديدة» أعلنت فيه وصول «قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مساء السبت الماضي إلى منطقة العمليات في تكريت بهدف الإشراف على القيادة الميدانية في العراق وتقديم المشورة للهجوم على مدينة تكريت»!! بصرف النظر عن الهيكليّة الدينيّة وهي الستارة التي يختفي  خلفها حكم الحرس الثوري في إيران، أصبح قاسم سليماني «الحاكم الفعلي» للمنطقة الإقليميّة وهو الهدف الظاهر ممّا نشرته وكالة أنباء فارس في رسائل استفزازية متعددة الوجهات العربيّة وتحديداً السعودية والمصريّة، باعتبار ما تمخّض عنه المشهد الإعلامي العربي عشيّة إعلان إيران توقيع الحوثيين اتفاقيّة النقل الجوي بين صنعاء وطهران، مع ملاحظة أن الجسر الجوي سيكون في اتجاه واحد لتسهيل نقل السلاح والعتاد والمقاتلين من طهران باتجاه اليمن!!

قلّة لفت انتباهها بالأمس وقع اسم «تكريت» مدموغاً باسم ففي «غيبوبة» العجز العربي، بالكاد ستذكّر الأخبار الآتية من «تكريت» أنها مسقط رأس صدام حسين ومدفنه، فيما هي أبعد من ذلك في التاريخ العربي فاسم «تكريت» ارتبط دائماً باسم الناصر صلاح الدين الأيوبي،»العدوّ الأول» في كتب الشيعة والمدمّر الفعلي للخلافة الفاطمية، ومانع «إمبراطورية فارس» من التجذّر في «القاهرة» ومُخْرج التشيّع من قلب العالم العربي «مصر»،  هذا وبكلّ بساطة هو البعد الحقيقي لحالة التعجّب من هذا الإعلان الإيراني «المفخّم» لوصول سليماني إلى تكريت، لكأنه يعود «فاتحاً» لانتقاميْن، واحد عابر من صدام حسين والحرب العراقية ـ الإيرانية، بكلّ ما لحرب الخليج الأولى من رمزية منذ ثمانينات القرن الماضي، وانتقامٍ حقيقيّ وأساسيّ من مدّمر أول دولة شيعيّة حاولت القيام من تحت أنقاض «نكبة البرامكة» العباسيّة.

وبالعودة إلى الخبر الأول والذي نستغرب أن يُحدّد أنّ أمام علي الخامنئي عامين لا أكثر في مرض الموت، نتساءل أكثر عن تساؤل خبير غربي نقلت عنه الصحيفة تساؤلاً مريباً، شديد الإرتباط بالمفاوضات النووية الإيرانية، فيما تروّج في الوقت نفسه لخلافة «مجتبى الخامنئي» لوالده، وهنا علينا أن نذكّر القارئ بأنّ «الخميني» نفسه تمّت رعايته وتأمين المقام والحماية له وقيادة ما يُسمّى بـ «الثورة الإسلامية» من فرنسا، وتحت رعاية استخبارات الفرنسية، فأي «صدفة» فرنسيّة هذه التي قادت إلى طرح هذا التساؤل الـ»مُبْهم»:  «هل يريد خامنئي أن يتذكره الإيرانيون كزعيم سمح برفع العقوبات الغربية عن بلاده، أم كزعيمٍ حرص بالدرجة الأولى على صيانة تراث الثورة»؟ في أي حال، لم تبدر حتى الآن أية بوادر ضعف واضحة، حتى أثناء تلاوة خامنئي خطاباً استمر لمدة نصف ساعة في يوم 11شباط»!!

بين الخبريْن تقاطعان كبيران، فيما المنطقة ذاهبة باتجاه شديد الخطورة مع دخول صراع «باراك أوباما ـ بنيامين نتانياهو» لحظة شديدة الدقّة، بعد توجيه جون كيري وزير الخارجية الأميركي تحذيرٍ لنتانياهو من الكشف عن تفاصيل الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه مع إيران، وأي خوف هذا الذي اعترى أميركا بالأمس من نشر «بيبي» اتفاقها مع ايران، وأيّ «حفرة» حفرها «الحليفان الشيطانان» ـ أميركا وإيران ـ للعالم العربي «النائم» حتى هذه اللحظة!!