IMLebanon

هزيمة داعش تمت وحرب التسوية طويلة

كما في الصعود كذلك في الهبوط: داعش يخسر في وقت قصير أرض الخلافة التي أخذها في وقت قياسي. واللعبة الآن هي الانتقال من زحام القوى في توظيف داعش الى التسابق على تكبير الدور في هزيمته ثم توظيف الهزيمة. ففي العراق، حيث ساهمت في القتال قوات البيشمركة الكردية والحرس الثوري الايراني والتحالف الدولي بقيادة أميركا، كان من أعلن النصر هو رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال عرض عسكري احتفالي للقوات العراقية. وفي سوريا، حيث شاركت في القتال روسيا الى جانب قوات النظام والحرس الثوري وحزب الله وبقية القوات الرديفة، وأميركا الى جانب قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، كان من أعلن النصر هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأين؟ في

قاعدة حميميم الجوية الروسية حيث التقى الرئيس بشار الأسد وأمر ببدء انسحاب جزئي لقواته.

العبادي يستعجل توظيف النصر في الانتخابات النيابية، وسط منافسة شرسة، من دون قدرة على تصحيح العملية السياسية. وبوتين يريد توظيف النصر في الانتخابات الرئاسية، بعدما سجّل أهدافا استراتيجية لبلاده. وهو أعلن ان مهمة قتال العصابات المسلحة تمّ انجازها. وجزم بأن الشروط متوافرة للتوصل الى حلّ سياسي. واذا كانت هزيمة داعش مؤكدة، فان ظروف التسوية تحتاج الى أمور كثيرة لتصبح ناضجة. والمعادلة، كما يراها المحلل السياسي الروسي فلاديمير فرولوف، هي: روسيا ربحت الحرب، ولكن هل تستطيع ربح السلام؟

 

واذا كانت أميركا تعلن بقاء قواتها في سوريا لأن المهمة لم تكتمل، فان بقية القوات الخارجية باقية أيضا. لا روسيا منسحبة وان سحبت بعض قواتها. ولا القوات الايرانية والميليشيات المرتبطة بها في وارد الانسحاب. لا القوات التركية تستعجل الانسحاب. ولا الرهانات على أن تساهم موسكو في اخراج القوات الايرانية والميليشيات تبدو واقعية ضمن تشابك المصالح. فالكل يريد البقاء ليضمن حصته في التسوية. وليس للتسوية طبعة واحدة.

ذلك ان روسيا التي تحاول اقامة توازن صعب مع الجميع تريد تسوية على قياس مصالحها خلال مدة زمنية معقولة. ودمشق وطهران تبحثان عن اكمال الخيار العسكري لتأتي التسوية بشروط النصر. وتركيا التي تقترب من روسيا وتبتعد عن أميركا بسبب الهاجس الكردي تعرف ان أدوار القوى الاقليمية محدودة في تسوية لن تكتمل من دون توافق أميركي – روسي. وأميركا ليست مستعجلة، ولا تبدو مستعدة بعد لصفقة مع روسيا تشمل أوكرانيا والعقوبات. فضلا عن انها تراهن على تسوية تلعب دورا في كبح النفوذ الايراني.

وعلى من يحاول تكبير الأحلام في استانة، وسوتشي ان يأخذ درسا من التعثر الطويل المنهجي في جنيف.