IMLebanon

الاستراتيجية الدفاعية بين الالتزامات والامكانات وتنفيذ الوعود؟  

 

وسط تطورات دولية – اقليمية في المحيط الاقرب والمتداخل مع لبنان (سوريا) يمضي الافرقاء السياسيون والحزبيون اللبنانيون، كل على طريقته، في معركة «اثبات الوجود»، في الانتخابات النيابية المقبلة، والمقررة في السادس من ايار المقبل، من دون ان تتضح كفاية بعد، ما ستؤول اليه «التحالفات» المطلوبة والمنتظرة..

 

«كل يغني على ليلاه».. واللبنانيون يعيشون حالة من الذهول وهم يستمعون الى القيادات التي تعاقبت على مواقع القرار لسنوات، وكأنهم في عالم آخر.. وكان ما آل اليه الوضع في لبنان، على صعيد الخدمات، من ماء وكهرباء وبنى تحتية ورعايات اجتماعية وصحية، هو نتاج عالم آخر.. والكل يغسل يديه.

في قناعة عديدين، ان أحداً لن يلغي الآخر، وان حظي هذا او ذاك بمقاعد اضافية، اواخر عدداً من المقاعد في المجلس النيابي الجديد، والذي لن يكون جديداً، بغير عدد من الأسماء المنتمين الى هذا الفريق او ذاك من الذين توالوا على ادارة البلد لسنوات.. وهي مسألة تدفع الكثير من اللبنانيين الى التفكير «الف مرة» قبل التوجه الى صناديق الاقتراع، من دون الحصول على ضمانات يقينية تؤكد ان ما يقال في مرحلة الاعداد للانتخابات سينفذ ولن يبقى مجرد كلام، او حبراً على ورق، على ماجرت العادة لسنوات وسنوات.. كما وليس من ضمانة بأن أصوات اعتراض غالبية شعب لبنان على سلوكيات هذه «الطبقة» ستلقى الاهتمام الكافي والوافي، وان مجلس النواب لن يبقى مكبل اليدين، معطلاً، وممنوعاً من القيام بأبسط واجباته في التشريع والمراقبة والمساءلة والمحاسبة.. خصوصاً وأن مبدأ «الفصل بين السلطات» لا يلقى اهتماماً من غالبية الافرقاء السياسيين الممسكين بالقرارات..

لا أحد يشك بأن هذه القوى تتمتع بـ»حصانة» كافية ووافية من بيئاتها الطائفية والمذهبية، بل والمناطقية أيضاً.. الامر الذي يؤدي الى الاستنتاج بأن التغيير المطلوب على مستوى الأداء والخدمات وادارة الدولة وسائر المؤسسات لن تحسمه الانتخابات النيابية، التي من المقرر ان تفتح مع انجازها باب العودة الي «الاستراتيجية الدفاعية» التي كان أعلن عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأيده في ذلك رئيس الحكومة سعد الحريري، وباتت التزاماً أمام «المجتمع الدولي»..

السؤال الذي يبقى محط متابعة، هو هل سيكون الرئيس العماد عون – الذي يربطه تحالف استراتيجي مع «حزب الله» – قادراً على الايفاء بتعهداته أمام اللبنانيين، كما وأمام «المجتمع الدولي» خصوصاً مع انعقاد المؤتمرات المتتالية لدعم لبنان، من روما -2 الى بروكسل الى باريس؟!.

قد يكون من السابق لأوانه الحديث عما يمكن ان تكون عليه التطورات، والجميع ينتظرون ما ستؤول اليه الانتخابات النيابية، وهل ستكون هناك «أكثرية» قادرة على الامساك بالقرارات الاستراتيجية، أم ان النسخة المفترض أنها جديدة، ستكون نسخة طبق الأصل عن الحالية، وان بتعديل عدد من الاسماء؟!

عندما يسأل مقربون من رئيس الجمهورية عن ذلك، يسارعون الى الدعوة لانتظار النتائج.. «وبعدها نرى»؟! وهم يدركون، ان الاستقرار الاقتصادي والامني والاجتماعي، بات مرتبطا الى حد كبير «بالاستراتيجية الدفاعية» كما وبسياسة النأي بالنفس» التي اعتمدتها الحكومة الحالية موافقة كامل مكوناتها بمن فيهم «حزب الله» وسائر حلفائه.. وهي الحكومة المفترض ان تكون الممسكة الوحيدة بالقرارات.. لاسيما وأنها قد تدفع أثماناً ليست في الحسبان ان هي تراجعت عن التزاماتها؟!

ليس من شك في ان «التحالف الاستراتيجي» بين الرئيس العماد عون وفريقه مع «حزب الله» وفق «اتفاق مار مخايل» سيكون أمام امتحان شديد، داخليا وخارجيا والذي يظهر، أقله حتى الآن، ان قيادات «حزب الله» تعاملت مع مسألة وعد الرئيسين عون والحريري باعادة «الاستراتيجيا الدفاعية» الى طاولة الحوار الوطني بعد الانتخابات بشيء من «برودة الاعصاب..» وان لم تتخل عن «ثلاثيتها الذهبية» المتمثلة بـ»الجيش والشعب والمقاومة». وفي قراءة قيادي في حزب الله، أنه، ومجردا ن يأتي الجيش في طليعة هذه المعادلة، فهذا يعني ان الحزب لن يقف في طريق انجاز استراتيجيا دفاعية وطنية مكتملة الشروط ومعززة بالامكانات المطلوبة وغير مقيدة بالشروط الدولية التي تمنع عن لبنان الاسلحة الثقيلة والمتطورة، القادرة على مواجهة التهديدات الاسرائيلية التي تتعزز يوماً بعد يوم، بفعل الدعم الاميركي، وعودة الولايات المتحدة الى ساحة الشرق الاوسط، من بوابة «القدس عاصمة لاسرائيل، ومشاركتها في التدريبات العسكرية المشتركة وتوغلها في أكثر من منطقة ناهيك بالتهديدات الاخيرة الموجهة ضد سوريا..»؟!

في أي حال، انها فرصة العمر ان يحظى لبنان وقواه العسكرية والامنية بكل هذا الحشد الدولي الدعم.. وفي قناعة البعض، انه بقدر ما سيصار الى ترجمة الوعود الدولية الكبيرة لتعزيز قدرات الجيش والقوى الامنية، كلما تمكنت الدولة اللبنانية من سحب اوراق «المماطلة واللفلفة والدوران» من يدي «حزب الله» كخطوة أساسية لا بد منها تمهيداً لحصر السلاح بيد الشرعية والتزام سياسة «النأي بالنفس» عن الصراعات العربية – العربية، فعلاً، لا قولاً..

لا يتردد البعض في الدعوة الى التمويل بانتظار ما ستؤول اليه الانتخابات النيابية وما ستفرزه من احجام للكتل السياسية تترجم في الحكومات الجديدة التي ستضع خطة عملها للمرحلة المقبلة.