IMLebanon

معمل دير عمار 2: العقود لم تُنجَز والتنفيذ يتأخر

  

مهما اشتعل الصراع بين «هيبة الدولة» ونفوذ أصحاب المولدات، فهو لن يغطّي على فشل الحكومات المتعاقبة في تنفيذ أيٍّ من وعود الكهرباء 24/ 24، التي طال انتظارها. أما بناء المعامل، الحل الجذري للتخلص من المولدات، فهو لا يزال حلاً بعيد المنال. أقرب المعامل إلى التنفيذ، أي معمل دير عمار، لا يزال ينتظر توقيع العقود الجديدة بين وزارة الطاقة والشركة اليونانية، على أمل البدء بأعمال بنائه في الربع الأول من 2019

 

خلال السنوات الأخيرة لم يكن همّ الحكومة سوى تأمين الكهرباء بشكل طارئ عبر البواخر. أما الحلول الدائمة، فكانت آخر الأولويات. حتى الحل الذي وُضع على سكة التنفيذ في عام 2013، أي معمل دير عمار 2، تبخّر بسبب خلاف بين وزارتي المال والطاقة على هوية الجهة التي ستدفع الضريبة على القيمة المضافة (الدولة أو الشركة المتعهدة)، والبالغة نحو 50 مليون دولار، وهو رقم هزيل بالمقارنة مع نحو ملياري دولار تدفع سنوياً بدل عجز الكهرباء.

دارت الأيام وبدل إنشاء المعمل، رفعت الشركة المنفذة دعوى تحكيم ضد الدولة اللبنانية، تطالبها فيها بالتعويض عن الأضرار التي لحقتها من جراء عدم تنفيذ العقد، إلى أن جاء الحل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في 21 أيار الماضي. قضى الحل بالانتقال من مرحلة بناء المعمل وتشغيله ليكون من ضمن أملاك القطاع العام إلى مرحلة تسليمه إلى القطاع الخاص، بتوافق سياسي مريب أنهى سنوات من التعطيل والمماطلة في حل المسألة. فقد قررت الحكومة حينها استبدال العقد من صيغة EPC (تنفيذ المعمل لمصلحة الدولة) إلى BOT (تنفيذ المعمل وبيع القطاع الخاص الطاقة للدولة لفترة محددة قبل أن تنتقل ملكيته إليها في نهاية هذه الفترة) على عشرين سنة بمبلغ 2.95 سنت للكيلوواط، مقابل تنازل الشركة عن الدعوى التحكيمية المقدمة بوجه الدولة أمام «المركز الدولي لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات» عند الوصول إلى اتفاق نهائي.

حتى الآن، وبالرغم من مرور ستة أشهر، لم يجرِ التوصل إلى اتفاق نهائي. لكن وزير الطاقة سيزار أبي خليل يجزم بأن الأمور على السكة، معلناً أنه يفترض أن يكون آذار المقبل موعداً لبدء الأعمال، بعدما كان قد أعلن أن إنشاء المعمل سيبدأ في نهاية العام. أسباب التأخير ليست من النوع المقلق، بحسب أبي خليل، الذي يوضح أن توقيع العقود ينتظر الاتفاق على الشروط النهائية، وهو لن يتأخر عن نهاية السنة. فالمفاوضات تجري على خطين، التحضير لعقد المصالحة، الذي سيقدم أمام المركز الدولي لتسوية المنازعات والتحضير لتوقيع عقد إنشاء المعمل.

 

يؤكد وزير الطاقة أن الشروط الفنية التي وافق عليها الاستشاري السويسري في العقد السابق، ستكون هي نفسها في العقد الحالي، وبالتالي لا تغيير في مواصفات التوربينات أو نوعيتها ولا قدرة المعمل. ينفي أبي خليل أن تكون قد رفعت قدرة المعمل من 450 ميغاواط إلى 760 ميغاواط، مؤكداً أن كل شيء بقي كما العقد الأول (تشير الشركة اليونانية على موقعها الإلكتروني إلى أنها كانت ستركب 3 توربينات بقدرة 126 ميغاواط وتوربين رابع على البخار بقدرة 212 ميغاوط، أي ما مجموعه 590 ميغاواط).

 

أبي خليل: سيبدأ بناء معمل دير عمار في آذار المقبل وبشروط العقد السابق

 

وإذ سبق لـ«الأخبار» أن أشارت إلى دخول أطراف لبنانية أخرى على خط الصفقة، هم علاء الخواجة (51 في المئة) وريمون رحمة (29 في المئة) وغسان غندور بصفته وكيلاً للشركة اليونانية (20 في المئة)، أكد وزير الطاقة أن الدولة اللبنانية تجري مع المفاوصات مع الشركة اليونانية حصراً، والعقد سيوقع معها حصراً. كذلك فإنها ستكون مسؤولة أمام الدولة طوال فترة العقد، أي لعشرين سنة. وبالتالي، إن الوزارة غير معنية بأيّ اتفاقات جانبية أو فرعية تجريها الشركة للحصول على التمويل. لكن هل تستطيع الشركة الإيفاء بتعهداتها في ظل التعثر المالي الذي تواجهه في اليونان؟ توضح مصادر متابعة لنشاط الشركة أن A&P AVAX OVERSEAS التي تواجه إجراءات الإفلاس، هي شركة مختلفة عن A&P AVAX SA التي تعمل في لبنان، وإن كانتا تنتميان إلى المجموعة القابضة نفسها.

كل ذلك لا يلغي حقيقة أن تغيير طبيعة العقد جاء ليساهم في التخلص من إمكانية دفع تعويض قد يصل إلى 150 مليون دولار إذا فازت الشركة بالتحكيم، فهل كان هذا التوفير كافياً لتغيير طبيعة العقد؟ وهل يعقل أن الشركة قد وافقت على ذلك، إذا لم تكن قد وجدت في الأمر منفعة أكبر لها؟ والأسئلة تعود أيضاً إلى ما قبل قرار الحكومة: هل حقاً كانت الشركة ستفوز بالتعويض، على ما تجزم مصادر رسمية، أم أن ذلك لم يكن مضموناً ربطاً بتوقيعها على تعهد بتطبيق دفتر الشروط كما هو، وهو لا يتطرق إلى الضريبة على القيمة المضافة بأي شكل؟