أتوجه إليكم بكتابي هذا من باب الصداقة والزمالة حيث كنا ممثلين لبلدنا لبنان، أنتم كمندوب دائم للبنان في الأمم المتحدة وأنا كسفير مثّلت بلدي في أكثر من بلد وآخرها هولندا حيث كان لقاؤنا وحيث عملتم بعد تقاعدكم من العمل الدبلوماسي كقاضٍ في محكمة العدل الدولية ومن ثم انتخابكم رئيسا لهذه المحكمة والتي هي أعلى منصب قضائي دولي، ومن بعدها تركتم هذا المنصب لتتولى رئاسة الوزراء في لبنان.
موضوع الكتاب، وهو كما أشرت في البداية يتعلّق بطلب العدالة، رفعا للظلم الذي ألحقته الحكومة بطبقة واسعة من الشعب اللبناني، ونحن إذ نطلب العدالة منكم لأنكم كنتم ولا زلتم الرمز من حيث الموقع الذي كنتم تحتلونه كرئيس لمحكمة العدل الدولية.
فقد أقرّ مجلس النواب خلال الجلسة التي انعقدت بتاريخ ٣٠/٦/٢٠٢٥ ثلاثة مشاريع قوانين معجلة مكررة:
1- مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم ٢٩٨ تاريخ ٩/٥/٢٠٢٥ والرامي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ لإعطاء مساهمة لصندوق تعاضد القضاة.
2- مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم ٣٥٨ تاريخ ٢١/٥/٢٠٢٥ والرامي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ لإعطاء مساهمة لصندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية.
3- مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم ٤٩٣ تاريخ ١٨/٦/٢٠٢٥ والرامي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة للعام ٢٠٢٥ لإعطاء منحة مالية شهرية للعسكريين العاملين في الخدمة الفعلية بقيمة (١٤) مليون ل.ل. وللمتقاعدين منهم بقيمة (١٢) مليون ل.ل. تسري اعتباراً من ١/٧/٢٠٢٥.
وعليه فإنّ الموظفين المدنيين المتقاعدين، ومنهم زملاؤك السفراء المتقاعدون والمدراء العامون وباقي الموظفين من جميع الفئات وأفراد الهيئة التعليمية في المرحلتين الثانوي والأساسي هم الوحيدون الذين لم يستفيدوا من المساعدات.
وقد أثار هذا الأمر حفيظة بعض النواب أثناء مناقشة مشاريع القوانين المذكورة أعلاه الذين طالبوا معالي وزير المالية بالعدالة في توزيع المساعدات، وقد وجد معاليه أنهم على حق، فتعهّد بأنه سيعرض على مجلس النواب خلال أقل من شهر مشروع قانون لإنصاف هذه الفئات المغبونة، ولكن معاليه ربما نسي إعداد مشروع القانون بسبب التزاماته الكثيرة. ولأنكم المرجع الصالح فقد رفعت هذا الكتاب لدولتكم على أمل أن تطلبوا من معالي الوزير الوفاء بما تعهد به. فالقرآن الكريم يقول: «وأوفوا بالعهد، إنّ العهد كان مسؤولا».
أمّا من حيث التكلفة التقديرية لهذه المساعدة وكيفية تغطيتها فموظفو وزارة المالية وهم أهل اختصاص قادرون على إجراء اللازم، فكما نجحوا في تأمين التغطية للزيادات الثلاث لن يعجزوا عن تأمين تغطية هذه الزيادة وكلفتها لا تتجاوز الـ16% من الزيادة الواردة في القانون المتعلق بالعسكريين ويستفيد منها جميع المتقاعدين المدنيين وهم في حدود الـ 35 ألفا.
لقد تابعت حديثكم على تلفزيون «الجديد» وكان حديثا صريحا وشاملا، وعندما سألكم عن الفروقات الهائلة بين من يتقاضى راتبا يتجاوز السبعة آلاف دولار من موظفي الهيئات الناظمة وباقي الموظفين الذين لا يتجاوز رواتب البعض منهم الخمسمائة دولار، اعترفتم بصحة هذا الأمر ولكنكم بررتموه بأنكم لستم من وضع سلسلة رواتب الهيئات الناظمة ولكنكم لن تخفضوه بل سترفعون الرواتب المتدنية، ووجدتم مصادر التمويل لرفع الرواتب من «تحسين الجباية الجمركية وتحسين جباية الضرائب» وهو أمر إيجابي ولكنه سيتأخّر بكل تأكيد، وعندما سألكم عن قرار مجلس شورى الدولة القاضي بإلغاء الضريبة على المحروقات التي فرضت لتغطية «المساعدة» التي أعطيت للعسكريين كان ردكم أنه «قرار إعدادي وليس نهائيا» وكأنكم تتوسلون العسكريين الذين هدّدوا فورا بالنزول مجدّدا إلى الشارع.
ما أسألكم يا دولة الرئيس ليس رفع الرواتب المتدنية الآن بل أن تشمل «المساعدة الاجتماعية» كافة الموظفين المتقاعدين من عسكريين ومدنيين وهي لا تتجاوز 150 دولارا شهريا، وهو ما يعتبر فتاتا، لأن رفع الرواتب سوف يحتاج أكثر بكثير من هذا المبلغ.
فما نطلبه من دولتكم هو العدل والمساواة بين المواطنين، وهو أمر لا يقوم به إلّا قاضٍ عادل مثلكم يا من توليتم أرفع منصب في العدالة الدولية.
فبادر يا دولة الرئيس القاضي نوّاف سلام.