IMLebanon

هل يفتح اتفاق الترسيم آفاق الحلول ويخفف الحصار الأميركي؟

واشنطن تريد توسيع مصادر الغاز… ولبنان ينتظر عودة الثقة الدوليّة

 

ما هي الآفاق التي يفتحها اتفاق ترسيم الحدود البحرية؟ وهل نجح لبنان في الحصول على مطالبه وحقوقه في المياه والثروة النفطية والغاز في المفاوضات غير المباشرة من خلال الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين؟

 

كسائر الملفات الحيوية والمهمة، يدور نقاش وجدل حول موقف ودور المفاوض اللبناني الرسمي، وما اذا كان نجح في الدفاع عن مطالب وحقوق لبنان كاملة في هذه المفاوضات غير المباشرة الصعبة والشاقة مع العدو الاسرائيلي.

 

برأي مصدر لبناني مكلف متابعة المفاوضات، ان لبنان لم يفرط بحقوقه في كل المراحل، وانه استطاع ان يحقق نقاطا مهمة في مواجهة محاولات ومناورات العدو الاسرائيلي منذ بداية التفاوض عندما تولى الرئيس بري هذا الملف في الاجتماعات الكثيرة مع الوسطاء الاميركيين الذين توالوا في هذه المهمة منذ سنوات وسنوات، وتمكن من فرض اتفاق الاطار الذي شكل ارضية صلبة للبنان في التفاوض في المرحلة اللاحقة.

 

وفي المقابل، يركز المعارضون والمنتقدون لمشروع الاتفاق الذي انتهى اليه المفاوض اللبناني على ان لبنان لم يتمكن من تحقيق كل المطالب والحقوق، لا بل فرّط بجزء من الحقوق في المنطقة الخالصة البحرية ومن ثروته فيها، بتخليه عن الخط ٢٩ لانه فاوض من موقع اضعف بسبب ضغط الازمة الاقتصادية والمالية التي يرزح تحتها منذ اكثر من ثلاث سنوات.

 

وينقسم المعارضون الى قسمين:

 

– فئة تنطلق من اعتبارات ورؤية حقوقية وجغرافية من وجهة نظرها، معتبرة ان لبنان تراجع عن الخط ٢٩ الذي برأيها كان يجب التمسك به للحصول على كامل الحق اللبناني في ترسيم الحدود البحرية.

 

– فئة ثانية تنطلق بالدرجة الاولى من خلفية سياسية، وتنظر الى ان الاسراع في القبول وتظهير الاتفاق مرده الى الرغبة في اعطاء العهد جائزة ترضية عشية انتهاء ولاية الرئيس عون.

 

وترى هذه الفئة ان لبنان فاوض من موقع الضعيف بعد ما وصلنا اليه من انهيار على كل المستويات، ومن عزلة دولية وعربية.

 

وتركز الفئة المذكورة حملتها على ان لبنان خسر في الاتفاق الذي ارسله هوكشتاين الى لبنان، ملاحظة تسرع المسؤولين في التعاطي معه قبل تاكيد وضمان حقوق لبنان كاملة. وتعتقد ايضا ان هذا التسرع له غايات سياسية واضحة منها رغبة الرئيس عون وحزبه في كسب ورقة مهمة يستثمرها في مرحلة ما بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لا سيما في ضوء الفشل الذريع للعهد.

 

ويسخر مصدر رسمي مقرب من العهد من توصيفات المعارضين واتهاماتهم، قائلا ” ان ثمة من يريد ان يؤدي دور نتنياهو لبنان للتشويش على النجاح الذي حققه لبنان في عملية التفاوض الطويل، وما حققه من نقاط مهمة على العدو الاسرائيلي باعتراف مسؤولين “اسرائيليين” الذين يعيشون اليوم ارباكا واضحا، بعد ان فشلوا في الضغط على لبنان طوال المفاوضات، ولم ينجحوا في انتزاع اي تنازل منه عن حقوقه ومطالبه”.

 

ويضيف المصدر “للاسف هناك اشخاص يعتبرون انفسهم خبراء وهم من النواب والحقوقيين والاكاديميين، وقعوا في مغالطات عديدة في انتقادهم لاداء وموقف المفاوض اللبناني، ومن هذه المغالطات اعتبارهم ان لبنان تراجع عن الخط ٢٩ الذي كان حدده من ضمن حق لبنان. والحقيقة ان لبنان طرحه كخط تفاوضي مدركا انه لا يشكل مقياسا دقيقا وحاسما”.

 

وفي معرض دفاعه عن موقف واداء لبنان في المفاوضات غير المباشرة، يؤكد المصدر ان ما تم التوصل اليه مبدئيا بانتظار الخواتيم يحفظ حق لبنان ببحره ونفطه وغازه وكل ثروته البحرية من دون التنازل عن اي شيء، ومن دون دفع قرش واحد من حصة حقل قانا كاملا.”

 

وفي هذا الاطار، كشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في دردشة مع الاعلام في المجلس امس، ان لبنان كاد قبل اسبوعين او اكثر ان يرفض كل ما كان مطروحا قبل ان يحصل تعديل وتطور ايجابي في هذا الملف في نيويورك خلال وجود الرئيس ميقاتي وبوصعب والوفد اللبناني هناك والاجتماع مع وزير الخارجية الاميركي والوسيط هوكشتاين. وبرأيه ان كل الشياطين الكبيرة التي كانت موجودة تم التخلص منها وبقي شياطين صغيرة في صيغة الاتفاق ابدى لبنان ملاحظاته وموقفه منها، لذلك نقول ” ما تقول فول تيصير بالمكيول”، مع العلم ان ما تحقق يعتبر جيدا جدا. واشار الى ان هذا يعود الى قوة لبنان في التفاوض المستندة الى وحدة الموقف اللبناني المفاوض بين الرؤساء الثلاثة، وقوة لبنان المعروفة، وديبلوماسية متمكنة تحت مظلة الموقف القوي والموحد.

 

وتجمع الاوساط المراقبة انه سيكون هناك نتائج ايجابية للاتفاق على المدى القصير والطويل.

 

وبرأي مسؤول لبناني ان من بين هذه النتائج المنظورة والمنتظرة:

 

– سيشكل الاتفاق صدمة ايجابة فورية يمكن ان تساهم في فرملة انهيار سعر الليرة، وتصعب دور المافيات في استثمار اللعب في سعر السوق.

 

– تؤكد المعطيات والمستجدات ان الادارة الاميركية اولت هذا الموضوع في الآونة الاخيرة، وخصوصا بعد اندلاع حرب اوكرانيا اهمية كبيرة، اولا لمساعدة العدو الاسرائيلي في الاسراع باستخراج الغاز الذي اصبح اليوم حاجة ملحة للغرب ولاوروبا وبات يشكل عنصرا مهما في تحسين اقتصاد الكيان الاسرائيلي، وثانيا للحاجة الى توفير هذه المادة التي باتت جزءا من السلاح الاستراتيجي في الصراع، بل الحرب المفتوحة بين روسيا والولايات المتحدة الاميركية والغرب.

 

من هنا فان نجاح واشنطن في الوصول الى هذا الاتفاق يفرض عليها بطريقة غير مباشرة ان تكون اكثر مرونة في التعامل مع الملفات اللبنانية الملحة. ولا يُستبعد ان تخفف الحصار الكهربائي والنفطي عليه.

 

– سيشكل الاتفاق عنصرا مهما من اضفاء اجواء داخلية اكثر استقرارا، ويساهم في اعادة الثقة الدولية بلبنان على عتبة دخول نادي الدول النفطية، وهذا سيفتح آفاق المعالجات والحلول السياسية، ومنها تسريع تشكيل الحكومة وتقريب او زيادة فرصة انجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية.