IMLebanon

ممارسة ديموقراطية

 

سألني: قانون الإنتخاب الذي ستُجرى إنتخاباتكم النيابية على اساسه أين تمّ إقراره؟

 

استغربت السؤال… ومع ذلك أجبت: أُقر في لبنان!

فسأل: ومن أقره؟

فتمالكت نفسي وأجبت: أقرّه مجلس النواب اللبناني.

وسأل: ومن أبرمه؟

وكدت أنتفض في وجه محدّثي… وبعد لحظات أجبته: لقد أبرمه رئيس الجمهورية بعدما إقترن بتوقيع رئيس الحكومة وسائر التواقيع التي يفرضها النظام اللبناني.

وقبل أن يواصل اسئلته، بادرته قائلاً: سعادة السفير، أنت خبير في الشأن اللبناني، فماذا دهاك لتبدو وكأنك «غريب عن أورشليم».

كنت قد إلتقيت السفير الأوروبي الغربي، أمس، في مناسبة تقديم العزاء لصديق عزيز وأسرته في قاعة كنيسة مار يوسف (الحكمة – الأشرفية) وصدف أن جلست والسفير على مقعدين متجاورين… ودار بنا الحديث حول الوضع الداخلي ليستقر عند المعركة الإنتخابية.

وعندما لاحظ السفير تبرُّمي بأسئلته التي لم تكن تفوتني غايته منها، قال: يا صديقي أنا لم أطرح تلك الأسئلة من باب الجهل أو التجاهل، إنما لأعبر عن استغرابي الشديد لما أسمعه من وزراء ونواب من آراء سلبية تبلغ مدى غير معهود إنتقاداً للقانون.

اضاف: أود أن استدرك فأقول: أنا، على صعيد شخصي وبصفتي ممثلاً لبلدي في لبنان، ليس لي أن أدلي برأي في هذا القانون. إنه شأنكم الداخلي وغير مسموح لي أو لسواي أن يتدخل فيه. ولكنني أتحدّث عن حال غير منطقية: يقرون القانون، ويهاجمونه. يصوّتون على القانون ثم يحملون عليه بكل ما في الإنتقاد من شدّة. ألم يكن الأجدى بالمنتقدين والحاملين على القانون ألاّ يصدقوا عليه.

أليس هذه هي الفباء العمل النيابي والمفهوم الديموقراطي؟ أنا أفهم أن يفنّد القانون ويعارضه وينتقده بقوة من وقف ضدّه سواء أفي مجلس النواب والوزراء أم من خارجهما، أما غير المفهوم في «تربيتنا الديبلوماسية» وتقاليدنا وأعرافنا، وفي الأصول الديبلوماسية والسياسية المعروفة في العالم قاطبة… فهو أن يكون الموقعون على القانون بين أكثر من يذهبون بعيداً في الإعتراض عليه.

أنهى السفير «محاضرته» قبل ان ننتقل من القاعة الى داخل الكنيسة لنستمع الى عظة مطران بيروت للموارنة بولس مطر بالمناسبة التي جمعتنا في تقديم واجب العزاء.

فعلاً، إننا نسيج وحدنا في الممارسة الديموقراطية… وهذا هو لبنان.