IMLebanon

الحوار لن يجترح معجزات رئاسية

خلافاً لأي تحليلات وتوقّعات متفائلة بقرب حصول التسوية الرئاسية، فإن المعطيات الدولية، كما المحلية، تتحدّث عن مجموعة تكهّنات قادت إلى حديث إيجابي بشأن حلحلة عقدة الرئاسة الأولى، وذلك بحسب أوساط ديبلوماسية مواكبة للحراك الغربي على خط رئاسة الجمهورية، فالحلول ما زالت بعيدة في سوريا، كما كشفت هذه الأوساط، والأزمة الرئاسية اللبنانية ما زالت تراوح مكانها، في ظل غياب المؤشّرات على قدرة مؤتمر الحوار الوطني في اجتراح معجزة تمكّن من بدء البحث بانتخابات رئاسة الجمهورية.

ورأت الأوساط نفسها، أن الحراك المدني المعبّر عن نقمة الشعب على الوضع المتردّي، لم يكن له أي انعكاسات على مواقف المتحاورين في مجلس النواب، الذين يستعدّون لجولة ثالثة من الحوار، من دون أن يتّفقوا حتى على أولوية الإستحقاق الرئاسي، قبل الدخول في تفاصيل مقاربته. ولا تخفي هذه الأوساط، أن هناك صعوبات تعترض أي اتفاق لبناني داخلي، مشيرة إلى أن الموفدين الأوروبيين إلى عواصم المنطقة، قد شدّدوا على تلازم مصلحة اللبنانيين والحوار، كون خريطة الطريق الوحيدة للوصول إلى الحل المنشود، ستُرسم على هذه الطاولة، سواء لجهة تحديد مواصفات الرئيس المقبل، أو لجهة تحديد الخطوات الدستورية الواجب اتباعها لإقفال هذا الملف الشائك. فمواقف كل المتحاورين باتت معروفة، حيث أن غالبيتهم أكدوا على أن خارطة الطريق هذه تبدأ بالرئاسة وتنتهي بالإنتخابات النيابية، باستثناء «التيار الوطني الحر»، الذي يعارض هذا المسار، ويصرّ على تعديل الدستور للسماح بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، قبل الدخول في أي نقاش رئاسي.

وعلى الرغم من كل القراءات المتشائمة لنتائج هذا الحوار، فإن الأوساط الديبلوماسية ذاتها، اعتبرت أنه قد حقّق إيجابيات واضحة في جلسته الثانية، حيث برز شبه اتفاق مبدئي على رفض تعديل الدستور، إلا من خلال التوافق بين 8 و 14 آذار. وبالتالي، فإن كل ما يجري من اشتباك سياسي إزاء هذا الملف خارج طاولة الحوار، سيتوقّف عند هذا التأكيد على وجوب التوافق قبل أي مسّ في اتفاق الطائف. ولذلك، فإن المواجهة السياسية الجارية في الكواليس، والتي انتقل بعض منها إلى الحراك المدني، لم تصل إلى أي هدف عملي، حيث لم يعد من الممكن الإنخراط في أي آلية دستورية جديدة، في ظل خارطة المواقف الحالية.

وانطلاقاً من هذه القراءة، فقد توقّعت الأوساط الديبلوماسية عينها، أن يأخذ «الكباش» السياسي حول الإستحقاق الرئاسي منحى مختلفاً عن السابق، حيث عبّر أكثر من طرف في فريق 8 آذار، عن توجّه جدّي للبحث في مرشّح توافقي تلتقي على مواصفاته غالبية الكتل النيابية المتمثّلة في طاولة الحوار. ولفتت إلى أن المتحاورين لن يتوقّفوا عند هذا الإستحقاق في الجلسة المقبلة، حيث من المتوقّع مناقشة جدول أعمال طاولة الحوار للوصول إلى توافق مبدئي بشأنها، على أن يبقى التنفيذ مؤجّلاً إلى ما بعد إجراء الإنتخابات الرئاسية. ولكن، تابعت الأوساط الديبلوماسية نفسها، إن التعقيدات الأخيرة التي برزت على خط الصراع في سوريا نتيجة التباين الحاصل بين العواصم الغربية من جهة، وروسيا من جهة أخرى، لا توفّر أي ظروف ملائمة لإشاعة مناخات تفاؤلية على صعيد التسوية الإقليمية، وبعدها على صعيد التسوية في لبنان.