IMLebanon

مصادر ديبلوماسية: ساترفيلد يعود قريباً…الترسيم يصب في مصلحة لبنان

 

يبدو أنّ واشنطن مستعجلة لإنجاز ملف ترسيم الحدود اللبنانية – الفلسطينية، أكثر من لبنان الذي يودّ أيضاً الإنتهاء من هذا الموضوع الذي قد يُعيق عملية التنقيب واستخراج النفط والغاز في البلوكين 9 و4 في المنطقة الإقتصادية الخالصة التي سيبدأها تحالف الشركات الأوروبية والروسية التي جرى تلزيمها المرحلة الأولى من المشروع بعد دخول لبنان نادي النفط.

 

فقد كشفت مصادر ديبلوماسية عليمة بأنّ مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد الذي أجرى في الأيام الماضية جولة محادثات جديدة مع المسؤولين اللبنانيين تتراوح حول العناوين نفسها التي ناقشها في زيارته الماضية، لا سيما ترسيم الحدود البحرية والبريّة والعقوبات الأميركية على حزب الله، وأزمة النازحين السوريين فيه، والتطوّرات الجارية في المنطقة، كما مع المسؤولين الإسرائيليين، سيعود مجدّداً الى لبنان والمنطقة في غضون فترة قصيرة، أي قبل انتهاء شهر أيّار الجاري.

 

فواشنطن تقوم بخطوات سريعة تزامناً مع إعلانها «صفقة القرن» التي تعوّل كثيراً عليها لإيجاد حلّ نهائي للقضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي، وإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، من وجهة النظر الأميركية، على ما أوضحت المصادر، ولهذا تودّ أن يُنجز موفدها ساترفيلد المفاوضات (غير المباشرة) بين لبنان والعدو الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن. كما ترى بأنّ تسريع المفاوضات هو الأمر الوحيد الذي يوصل الى الحلّ النهائي المنشود.

 

أمّا سبب هذا الإستعجال، فتشرحه الأوساط نفسها بأنّ مجرّد موافقة لبنان على ترسيم الحدود اللبنانية- الفلسطينية (المحتلّة)، أكانت الحدود البريّة أو البحرية، فإنّ هذا الأمر سيريح إسرائيل إذ سيجعل منها «دولة» ذات حدود، رغم أنّها تحتلّ الأراضي الفلسطينية وتستولي على حقوق الفلسطينيين، وتقيم مستوطناتها على ما يُقارب ثلاثة أرباع من مساحة الأراضي الفلسطينية الأصلية. وهذا ما تريده واشنطن وكذلك تلّ أبيب بالدرجة الأولى، أي امتلاك وثيقة تؤكّد الحدود الجغرافية لـ «اسرائيل» سيما وأنّهما تسعيان منذ عقود للوصول الى هذا اليوم الذي تحلمان به.

 

أمّا مسألة إعلاء السقف في المفاوضات على المثلث البحري الذي تُطالب إسرائيل بحصّة منه لا تحقّ لها أساساً، كما الترويج بأنّها ستسيطر على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر، على اعتبار أنّ المزارع «غير لبنانية» وتتطلّب موافقة النظام السوري على إبراز الوثائق الرسمية التي تشير الى ملكيتها اللبنانية الى الأمم المتحدة، وبإمكانها بالتالي أن تضمّها الى سيطرتها على غرار ما فعلت في الجولان السوري، فكلّها مناورات، على ما أكّدت المصادر نفسها تهدف من ورائها الى تثبيت حدود لدولتها المزعومة، بالتزامن مع إعلان «صفقة القرن». ومن شأن هذه الأخيرة أن «تُشرعن» كلّ الإنتهاكات الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين والدولة الفلسطينية، كما تُحاول الإستيلاء على ما أمكنها من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلّها، وعلى بضعة كيلومترات في المنطقة البحرية.

 

غير أنّ ما تسعى اليه كلاً من واشنطن و«تلّ أبيب»، بأساليب ملتوية، لن يُوافق عليها لبنان لا سيما في الشقّ التي يتعلّق به، كما بالوجود المؤقّت للاجئين الفلسطينيين على أراضيه. وأكّدت المصادر الديبلوماسية، بأنّ موقف لبنان ثابت لجهة حفاظه على حقوقه في الأرض والسيادة كما في البحر، وقد أبلغه الى الموفد الأميركي. كما يجد لبنان أنّه من شأن المفاوضات مع العدو عن طريق ساترفيلد الذي أوكلته واشنطن لعب دور الوسيط الى جانب الأمم المتحدة، أن تُشكّل فرصة للبنان لاستعادة حقوقه وأرضه من دون أن يُقدّم أي تنازل، ومن دون أن يُفرّط بأي شبر من أرضه، ولا بأي مورد غازي أو نفطي في البلوكات البحرية التابعة له. يبقى على العدو الإسرائيلي أن يُنفّذ القرار 1701 والقرارات ذات الصلة بالإنسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال قوّاته تحتلّها، ويكتفي بحصّته في المنطقة البحرية من دون الطمع بالإستيلاء على جزء من حصّة لبنان في المنطقة الإقتصادية الخالصة لا سيما في الرقعة البحرية التي جعلتها «إسرائيل» موضع خلاف.

 

ورأت المصادر، بأنّ وضع الحدود الرسمية لما يُسمّى بـ«دولة إسرائيل» سيتمّ من خلال المساعي التي تقوم بها واشنطن بالتنسيق مع «تلّ أبيب»، وعدم معارضة المجتمع الدولي لذلك، أو الإكتفاء بالإستنكار أو الإدانة على أبعد تقدير، فيما الجغرافيا تتغيّر على الأرض بفعل الإحتلال والحصار والإستيطان من دون أن يعمل على تغيير هذا الواقع غير المحقّ. ولهذا، فإنّ إنجاز ملف ترسيم الحدود اللبنانية – الفلسطينية (المحتلّة)، لا يُشكّل أي اعتراف من قبل لبنان بـ «إسرائيل» أو بدولتها، على ما أوضحت المصادر، إنّما يجعل لبنان قادراً على استثمار ثروته الطبيعية من دون أي عوائق من قبل العدو الإسرائيلي الذي يسعى باستمرار الى وضع العصي بالدواليب، خارقاً القرارات الدولية ومتعديّاً على السيادة اللبنانية برّاً وبحراً وجوّاً.

 

وفي رأي المصادر، إنّ استعجال واشنطن يصبّ في مصلحة لبنان، كونه لن يبدّل موقفه، ولن يلين فيما يتعلّق بتمسّكه بحقوقه البرّية والبحرية، الأمر الذي يُحتّم عليها الضغط على العدو الإسرائيلي لكي يرضخ للأمر الواقع، ويتخلّى عمّا ليس حقّاً له في الأرض والبحر. وإلاّ فإنّ أي حلّ أو مقترح آخر للترسيم ينال من حقوق لبنان لن يمرّ.

 

وكشفت المصادر نفسها بأنّ ساترفيلد سيحمل نتائج جولته الأخيرة في لبنان و«إسرائيل» الى الإدارة الأميركية، وسيعود مجدّداً بطرح ما تجده هذه الأخيرة مناسباً للجانبين لإنهاء مسألة الترسيم البحري والبرّي، بما يتماشى مع «صفقة القرن»، ولا يضع عوائق جديدة أمامها، رغم بقاء الخلافات العلنية حول الفصل أو عدم الفصل بين الترسيمين على حالها، كما حول النقاط الخلافية في كلّ منهما. وبناء عليه، سيقوم الموفد الأميركي بجولات مكوكية بين لبنان والعدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية لإنجاز ملف الترسيم هذا في أسرع وقت ممكن، وقبل انتهاء فصل الصيف المقبل.