IMLebanon

الخيبة

 

الفصل الأخير من أزمة التأليف تكشف عن حقيقة سياسية واضحة وذات شأن، وربما كانت أكبر بكثير من نتائج الأزمات السابقة وهي تختصر بكلمة واحدة: الخيبة.

 

إنها خيبة جمهور العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، إزاء موقف حزب اللّه المتمادي في ما يسميه العونيون «محاولة تطويق العهد».

 

يقولون في هذا الجمهور: إنتظرناها من أي طرف كان ولكن ليس من «الحزب»  الذي رفعنا صور أمينه العام سماحة السيّد حسن نصراللّه على جدران المنازل وزجاج السيارات، وايقونات مدلاة على الصدور.

 

ويمضون قائلين: صحيح أن موقف سماحة السيّد الصلب من دعم ترشح «الجنرال» لرئاسة الجمهورية كان له الفعل الكبير، وربّـما الأكبر في بلوغ زعيم التيار الوطني الحر المؤسس رئاسة الجمهورية… ولكن الصحيح أيضاً أنّ هذا الدعم ما كان له أن يحقق أهدافه لو لم يرافقه دعم الترشح من أطراف عديدة أمثال القوات اللبنانية والرئيس سعد الحريري والوزير وليد جنبلاط.

 

ويستطردون: ولكن «الحزب» لم يكن إلاّ راداً الجميل للعماد ميشال عون الذي أدّى تفاهمه مع حزب اللّه (تفاهم مار مخايل) إلى إنحسار في شعبيته من نحو 73 في المئة (في إنتخابات 2005 النيابية) الى أكثر بقليل من 52 في المئة في إنتخابات 2009 النيابية.

 

والأكثر أذية للجنرال عون وفريقه ما تعرّض له من مواقف سلبية في الإقليم وبعض البلدان العربية الفاعلة إقتصادياً وسياسياً. وهو أذى إنعكس بالضرر الكبير على إنطلاقة العهد، ولا تزال مضاره تطارد العهد حتى الآن.

 

ويقولون أيضاً: لقد واجه العهد العوني مواقف صعبة لأنه إستمر يوفر التغطية لحزب اللّه خصوصاً في حرب 2006 العدوانية على لبنان وما بعدها. وفي المقابل ضرب الرئيس عون عرض الحائط بالترغيب كله والمغريات كلها رافضاً أن يرفع الغطاء عن الحزب. وهذه حقيقة لا يجهلها أحد.

 

ويواصلون قائلين: إن سماحة السيّد يعرف جيداً أن الرئيس عون لا «يمشي» بالضغوط، فهو مشهود له بذلك. بل إن سماحة الأمين العام نفسه قال بهذه الحقيقة غير مرّة، خصوصاً في إحدى إطلالاته المنقولة عبر الشاشة يوم وصف «الجنرال» بـ«الجبل» الذي لا ينقاد الى الضغوط مهما كانت.

 

ويتساءلون: هل تخلى الرئيس عون، إثر وصوله الى الرئاسة وحتى اليوم، مرّة واحدة عن موقفه الداعم المقاومة. وهذا موقف استراتيجي ثابت وموثّق في المؤتمرات كلها، والأحاديث الصحافية والتلفزيونية كلها… وأيضاً من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنبر جامعة الدول العربية الخ…

 

ويكررون: انتظرناها من أقربين وأبعدين، ولكننا لم ننتظرها من «الحزب». لذلك فالعتب كبير قدر ما كانت الثقة كبيرة. مع فارق أن رئيس الجمهورية يواجه ضغوطاً دولية وأممية أكبر مما تتحمله الجبال، ومع ذلك تحمّل، وبقي صامداً. حتى إذا واجهت العلاقة الثنائية أزمة توزير مفتعلة، تعامل الحزب مع التيار وكأنه العدو التاريخي!

 

ويختمون: أمّا إذا كان المأخذ هو طيب العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة فيجب أن يكون معلوماً أن التعاون والإنسجام بين الرئاسات الثلاث هما قَدَرُ لبنان، فهل تستقيم الأحوال وبين القصر الجمهوري والسراي الكبير أزمات وخلافات؟!