IMLebanon

تباين بين الحزب والتيار… وبين القوات والمستقبل

كشفت أوساط سياسيّة مُطلعة أنّ السبب الأبرز وراء الفشل في التوصّل إلى قانون إنتخابي جديد حتى تاريخه، يعود إلى تناقض كبير على مُستوى الأهداف الموضوعة من قبل الفرقاء السياسيّين الرئيسيّين، حتى أولئك الذين يُصنّفون في خانة واحدة على صعيد الخطّ السياسي الإستراتيجي العريض.

وأوضحت هذه الأوساط أنّه على سبيل المثال يرفض «حزب الله» – ومعه حركة أمل بطبيعة الحال، رفضًا تامًا إضعاف أو إلغاء القوى الحليفة، مثل «تيّار المردة» و«الحزب السوري القومي الإجتماعي»، وهو يُفضّل أن تكون القوى المسيحيّة التي تقف في موقع الخُصومة له مقسومة وموزّعة على أكثر من طرف، وهو لن يُسهّل بالتالي سعي «القوات اللبنانيّة»  بالتعاون مع «التيار الوطني الحُرّ» على الإستحواذ على أكبر عدد مُمكن من المقاعد المسيحيّة، على حساب تراجع حُضور الأحزاب الصغيرة مثل «الوطنيّين الأحرار» وأحزاب متوسّطة مثل «الكتائب اللبنانيّة» والشخصيّات المُستقلّة، مثل بطرس حرب على سبيل المثال لا الحصر. وهذا الأمر يضعه في موقع مُغاير لموقع «التيار الوطني الحُرّ» المُتوافق مع «القوات» على سحب أيّ تأثير طائفي أو مذهبي خارجي على المقاعد النيابيّة الخاصة بالمسيحيّين، وعلى محاولة الإستحواذ على أكبر عدد مُمكن من هذه المقاعد، بهدف حُصول «تحالف معراب» على أغلبيّة نيابيّة وازنة قادرة على التأثير بشكل حاسم في الحياة السياسيّة اللبنانيّة. كما أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يرفض ـ ومعه قيادة «حزب الله« أيّ فراغ على مُستوى المجلس النيابي، الأمر الذي يُشكّل نقطة تباين مهمّة أخرى بين «الحزب» و«التيار».

وأضافت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّه من جهة أخرى يرفض «تيّار المُستقبل» خسارة النوّاب المسيحيّين المحسوبين عليه، والذين يصلون بمُساهمة حاسمة من مُناصريه، إن في بيروت أو في زحلة أو في أغلبيّة دوائر محافظة الشمال. ويحرص «التيّار الأزرق» بالتالي على الإبقاء على نُفوذه في أكبر عدد مُمكن من الدوائر المُختلطة. وهذا ما ينطبق تمامًا على «الحزب التقدّمي الإشتراكي» الذي يضع يده على عدد كبير من المقاعد المسيحيّة في الشوف وعاليه، ويرغب في الإحتفاظ بنفوذه هناك. وهذا الأمر يضع كل من «المُستقبل» و«الإشتراكي» في موقع مُغاير لموقع «القوات» الراغبة بأن تذهب أصوات مُناصريها لصالحها هذه المرّة، ولصالح من سيتحالف معها ويتقاسم المقاعد معها، وليس لصالح أحزاب وقوى أخرى تستفيد من أصوات «القوات» ولا تُقدّم لها شيئًا في المُقابل، حتى لو كانت هذه الأخيرة مُصنّفة في الخط السياسي الإستراتيجي نفسه.

وشدّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة على أنّه في حال توافق هذه القوى الرئيسة المذكورة على قانون تسوية يحفظ مصالحها مُجتمعة، فإنّ أحدًا لن يكون قادرًا على وقف هذا القانون، لا إعتراض حزبي من هنا، ولا تصريح إعلامي من هناك، ولا موقف لناشط في المُجتمع المدني من هنالك. ورأت هذه الأوساط أنّ «القوات» هي الأكثر حماسة للقانون المُختلط، لأنّه برأيها يُمثّل فرصة حقيقية للتوافق بين مختلف القوى السياسيّة الأساسيّة في البلاد، وقد حاول «التيار» مُجاراتها عبر «القانون المُختلط» الذي طُرح الأسبوع الماضي، وسقط مع نهاية الأسبوع المذكور. وأضافت الأوساط نفسها، أنّ «الإشتراكي» ومن خلفه «المُستقبل» ـ ولوّ من دون بهرجة إعلاميّة، يُفضّلان بقاء التعثّر القائم، ليتم في نهاية المطاف إجراء الإنتخابات وفق «قانون الستين» كأمر واقع. أمّا «حزب الله» فهو يأمل أن يتقدّم «التيار الوطني الحُرّ» خطوة إلى الأمام، ليعود إلى موقع المُطالب بالنسبية الكاملة، على أن تُستخدم مسألة تقسيم الدوائر كورقة تسوية مع القوى السياسيّة المُختلفة، خاصة وأنّ «المُستقبل» و«الإشتراكي» يُعارضان تمامًا «النسبيّة»، وتتضامن «القوات» معهما حفاظًا على ما تبقى من تحالفاتهم السياسيّة السابقة.

ورأت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ الدور الأهم هو حاليًا بيد «التيار الوطني الحُر» القادر بموقفه على تحديد وجهة الإنتخابات النيابية المُقبلة. فإن تراجع عن موقفه السلبي من «قانون الدوحة» ستجري الإنتخابات في موعدها وفق القانون المذكور، وفي حال إنضمّ إلى «حزب الله» وغيره من القوى بالمطالبة بالنسبيّة الكاملة، فإنّ فرص مرور قانون إنتخابات يعتمد التصويت النسبي مرتفعة، وتحديدًا بالنسبة إلى القانون الذي أقرّته حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، ولوّ بعد إدخال بعض التعديلات عليه، ومنها رفع عدد الدوائر من 13 إلى 15 لإرضاء بعض القوى. وفي حال تمكّن من إقناع الأطراف المُشاركة في «اللجنة الرباعية» بمُطلق أي قانون «مُختلط» وفق تقسيمات ومعايير مُختلفة عن تلك التي طرحها في مشروعه السابق، فإنّ هذا القانون سيسلك طريقه الدُستوري من دون عوائق تُذكر.

وتخوّفت الأوساط السياسيّة نفسها، من أن نتجاوز تاريخ 21 شباط من دون التوصّل إلى أيّ قانون جديد، بالتزامن مع تمسّك رئيس الجُمهوريّة بالموقف المُتشدّد الرافض لإجراء الإنتخابات وفق القانون النافذ، أي «قانون الستّين»، لأنّه عندها سيدخل لبنان في مرحلة توتّر وشدّ حبال جديدة، أكثر صُعوبة من تلك التي سادت على مدى سنتين ونصف السنة، قبل التوافق على إنتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للبلاد! وأضافت أنّ الخشية ستكون كبيرة على الإستقرار الداخلي في حال إعتماد لغة الشارع والتظاهرات الشعبيّة، والأزمة الدستوريّة قد لا تنتهي عندها من دون آثار على أساسات الدولة وعلى الوحدة الوطنيّة.