IMLebanon

هل تؤثر “عاصفة الحزم” وعواصف الكلام على استقرار لبنان وسير الحوارات؟

اطمأن اللبنانيون الى قول السيد حسن نصرالله: “اخترنا الحوار للمصلحة الوطنية، والسقف كان منطقياً وواقعياً بالنسبة الى تخفيف الاحتقان ومنع انهيار البلد”، وكأنه برق خلّب في سماء ملبدة، او كأنه يدعو اللبنانيين مرة اخرى الى ان يقاتلوا او يتقاتلوا ولكن خارج الساحة اللبنانية لأن الجميع في الداخل والخارج متفق على ان تبقى هادئة والاستقرار فيها خط احمر، وان الحرب في اليمن لم تؤثر سلباً على سير المفاوضات حول الملف النووي، وكأن حرب الكلام شيء والعمل شيء آخر. واطمأن اللبنانيون اكثر الى تأكيد الرئيس تمام سلام في قمة شرم الشيخ تحييد لبنان عن الصراعات واعتماد سياسة النأي بالنفس ولكن الوقوف مع الاجماع العربي. وهذا يستدعي تحويل الحوارات الثنائية التي بدأت بهمة الرئيس نبيه بري حواراً شاملاً وجامعاً كل الاقطاب للبحث في المواضيع المهمة الآتية واتخاذ موقف نهائي منها:

اولاً: الحرص على استمرار الامن والاستقرار وسط العاصفة الهوجاء التي تضرب المنطقة والافادة من المظلة الدولية التي تحمي هذا الاستقرار وتحصن الوحدة الوطنية بحيث تجعل الشعب بمختلف اتجاهاته ومشاربه ومذاهبه يلتف حول القوات المسلحة في التصدي لأي عدوان.

ثانياً: ان يعيد اقطاب الحوار تأكيد التزامهم سياسة النأي بالنفس عن صراعات المحاور، وهي فرصة ينبغي عدم اضاعتها، بحيث يكون لبنان مع العرب عندما يجمعون على موقف، وعلى الحياد عندما يختلفون. وتأكيد التزام هذه السياسة يتطلب من “حزب الله” سحب مقاتليه من سوريا وكذلك كل لبناني يشارك في الحرب خارج الحدود، وان يتم اختبار نيات ايران حيال لبنان بأن تطلب من “حزب الله” الانسحاب اذا كانت تريد حقاً، وكما تقول، الامن والاستقرار للبنان، لأن تدخل الحزب في حروب خارج حدود لبنان يجر تدخل احزاب اخرى فيها، فيعود لبنان ساحة مفتوحة…

ثالثاً: الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، ان لم يكن على اسمه فأقله على حضور الجلسات تأميناً لنصابها كي تنتخب الاكثرية النيابية المطلوبة بالاقتراع السري الرئيس الذي تريد تطبيقاً للدستور وعملاً بالنظام الديموقراطي. ولا بد من القول ان مسؤولية التوصل الى هذا الاتفاق تقع على عاتق الزعماء المسيحيين اولا وعلى الموارنة تحديداً قبل غيرهم.

لقد واجه “الحلف الثلاثي” (شمعون، الجميل، اده) في الماضي ما يواجهه الاقطاب الموارنة الاربعة اليوم. فعندما لم يتفقوا على اختيار مرشح منهم للرئاسة الاولى، اتفقوا على ان تعطى لكل ركن من اركانه الثلاثة مهلة اسبوع لاجراء اتصالاته بالكتل النيابية ومعرفة نسبة حظوظه بالفوز. وبعدما انتهت هذه المهلة وتبين ان لا احد منهم استطاع الحصول على الاصوات التي تمكّنه من الفوز، قرروا تأييد ترشيح سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى منافساً للمرشح الياس سركيس، فكانت أول انتخابات تجرى ولا تدخل خارجياً فيها، فما الذي يحول دون أن يحذو الاقطاب الموارنة الاربعة حذو اركان “الحلف الثلاثي” فيعطون مهلة قصيرة لكل من يرغب في الترشح للرئاسة كي يجري اتصالاته بالاحزاب والكتل النيابية لمعرفة نسبة حظه بالفوز، مع انه بات واضحاً للجميع ان لا نواب 8 آذار ينتخبون مرشحاً من 14 آذار ولا نواب 14 آذار ينتخبون مرشحاً من 8 آذار. وهذا يطرح السؤال الآتي: ماذا ينتظر العماد ميشال عون ليقرر سحب ترشيحه بعدما تأكد أن الاكثرية النيابية ليست معه؟ وكم من الوقت يحتاج ليتأكد من ذلك إذا لم يكن قد تأكد حتى بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على الشغور الرئاسي؟ هل ينتظر موقف الدكتور سمير جعجع وهو معروف من خلال تصريحاته كما انتظر موقف الرئيس سعد الحريري فجاءه سلبياً ولكن بعد سنة من الانتظار؟ هل ينتظر نتائج المفاوضات حول الملف النووي، أو نتائج الصراعات على النفوذ في المنطقة علَّ ايران تنتصر فيها فتفرضه رئيساً على لبنان، مع ان لا شيء يدل على ذلك بعدما قررت السعودية قيادة تحالف عربي يعيد التوازن في المنطقة انطلاقاً من اليمن، وقد يكون لنتائج حرب التوازن انعكاسات على الاوضاع في العراق وسوريا؟ هل ينتظر حصول الفراغ الشامل في لبنان علَّ هذا الفراغ يفرضه رئيساً كأهون الشرين؟

يرى مسؤول كنسي انه بات على الدكتور جعجع اختصار الحوار مع العماد عون، إما بالاتفاق على مرشح للرئاسة، وإما على تأمين النصاب وترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها الطبيعي والدستوري بانتخاب من تصوت له الأكثرية النيابية المطلوبة لأنه لم يعد مقبولاً ولا معقولاً الاستمرار في حوار حول شكل الجمهورية من دون الاتفاق على شكل رئيسها، وعشرة أشهر وأكثر على الشغور الرئاسي كافية لاتخاذ موقف، وكافية ايضاً لانضاج “الطبخة”.