IMLebanon

«أن لا يرتئي فوق ما ينبغي»

 

ننتظر ما بعد عودة غبطة البطريرك بشارة الراعي، الذي وصل أمس، ليبادر (مرة جديدة، وليست الأولى…) إلى محاولة رأب الصدع بين الحزبين المسيحيين الأكبرين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. ذلك أنّ ما بلغه الخلاف بينهما من حدّة بات يعزز موقف المراهنين على عودة الشقاق، وسقوط «أوعَ خيّك» الذي لم يبق منه سوى شعار فارغ تتغرغر به الشفاه من دون أي مضمون، حتى من دون أي نيّة جدّية.

 

تناولنا هذا الموضوع مراراً وتكراراً وذكّرناهم بقول الرب يسوع: بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي: «ان يحب بعضكم بعضاً» (يو 13: 35). كما ذكرناهم بالقول الرائع لرسول الأمم القديس بولس: «إن كنتُ أتكلم بألسنة الناس والملائكة وليس لي محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن». ونذكرهم اليوم برسالة يعقوب «المواهب بدون محبة ميتة لا قيمة لها».

 

أمس إستمعت الى رسالة القديس بولس الخامسة الى أهل رومية وقد لفتني ما فيها من عِبر عامة وتركيز على محبة الغير، وأن يعرف كل حده. وهنا مقتطفات منها من باب التذكير «فإن الذكرى تنفع المؤمنين» (قرآن كريم – سورة الذاريات 55).

 

قال بولس رسول الأمم في رسالته: «فإني أقول بالنعمة المعطاة لي، لكل من هو بينكم: أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بل يرتئي الى التعقل (…)».

 

المحبة فلتكن بلا رياء. كونوا كارهين الشر، ملتصقين بالخير.

 

وادّين بعضكم بعضاً بالمحبة الأخوية، مقدمين بعضكم بعضاً في الكرامة.

 

غير متكاسلين في الإجتهاد، حارين في الروح، عابدين الرب، فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة، باركوا على الذين يضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا.

 

فرحاً مع الفرحين وبكاء مع الباكين.

 

مهتمين بعضكم لبعض إهتماماً واحداً، غير مهتمين بالأمور العالية بل منقادين الى المتضعين. لا تكونوا حكماء عند أنفسكم.

 

لا تجاوزوا أحداً عن شر بشر. معتنين بأمور حسنة قدّام جميع الناس.

 

إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس.

 

لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل أعطوا مكاناً للغضب، لأنه مكتوب: «لي النقمة أنا جازي يقول الرب.

 

فإن جاع عدوك فأطعمه. وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه».

 

لا يغلبنك الشر بل أغلب الشرّ بالخير.

 

تبقى إشارة: إننا إذا إخترنا أن نلفت عناية جماعَتي «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» فلأن للحظة مقتضياتها. إلاّ أننا نود أن نوجه ما تقدم الى الأحزاب والتكتلات والحركات اللبنانية كلها، ومن الأطياف الوطنية كلها، مسيحيين ومسلمين.