IMLebanon

هل تُقرأ «البلدية» سياسياً أم وفق الخصوصيات المحلية؟

هالة» عون تلجم نزاعات «التيار»

هل تُقرأ «البلدية» سياسياً أم وفق الخصوصيات المحلية؟

يجافي الحقيقة من يقول ان لا دلالاتِ سياسيةً للانتخابات البلدية. ويبالغ كثيرا من يعتبر أن هذه الانتخابات تعكس بشكل دقيق التحالفات السياسية وأمزجة الناس وخياراتها في الشأن الوطني العام. هي في منزلة بين منزلتَي التمثيل السياسي والخصوصية المحلية.

أثبتت انتخابات جبل لبنان أن الخيارات البلدية متداخلة ومعقدة، تبدأ من الشخصي الى العائلي، ولا تنتهي بالمصالح والحسابات السياسية. هي القليل من كل شيء.

ومع ذلك يمكن استخلاص بعض العبر السياسية غير التفصيلية من انتخابات «قلب لبنان». فعلى هذه الجغرافيا، كما كل الـ 10452 كلم مربعا، لا يمكن فصل السياسي والحزبي عن الطائفي. بالتالي، ما اثبتته الانتخابات في الجبل، هو تكرّيس لزعامة وليد جنبلاط في اوساط الطائفة الدرزية، من دون أن يغيّب حضور لاعبين آخرين، وفق أحجامهم التمثيلية شبه الدقيقة. فالجبل الدرزي يؤكد مجددا انه في البلديات كما في السياسات «الكبرى»، هو معقود الولاء لزعيم محدد مع هامش بسيط لاصوات مغايرة.

اما في المقلب المسيحي، فيمكن التوقف عند مجموعة ملاحظات تحمل في طيها تناقضاتها:

اولاـ أثبت «التيار الوطني الحر» أنه لا يزال يملك التمثيل الاكبر في بيئته. وظهر ايضا ان هذا «التيار» تتنازعه تيارات مختلفة، لا يلجمها الا طغيان «هالة» العماد ميشال عون وحضوره.

ثانيا ـ ترنح تحالف «القوات اللبنانية» و «التيار» في اكثر من بلدة ومنطقة. ومع ذلك، يسجل للفريقين حرصهما على التمسك بتفاهمهما «التاريخي».

ثالثا ـ اثبات حضور المستقلين وفعاليتهم في الكثير من المناطق، وفي الوقت نفسه عجزهم عن تحقيق اي انجاز منفردين.

وفي تفصيل هذه النقاط، يبدو مفيدا تسليط الضوء على مجموعة عوامل ادت الى هذه الخلاصات. يعود الفضل في ارجحية «التيار» الى مجموعة اسباب، لعل ابرزها:

– الإرث «العوني» الذي نشأ كرد فعل على كل الموجود من احزاب و «إقطاع» وشخصيات مسيحية تتعاطى الشأن العام. لم يتغير خصوم «التيار» ولا سياساتهم. بالتالي، استمر كثر من المناصرين العونيين في سياسة الـ «ضد». اي ان غياب البديل المقنع جعل الناس تتمسك بخيارات «التيار» العامة، وان كانت لها مآخذ على التفاصيل.

– الخطاب العوني الذي يتمحور حول مجموعة افكار تحاكي الحساسيات المسيحية، سواء في موضوع الحقوق، وضمنا الارجحية والتمايز، على كل المستويات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والبلدية. اضافة الى ان مفردات كالاصلاح والتغيير لا تزال تلقى صدى ايجابيا، بغض النظر عن مدى انسجام المضمون مع الواقع والوقائع.

– اعتماد «التيار» على وجوه ناجحة في خياراته البلدية يمكن الرهان عليها لاسباب متعددة، كما في الحدت مع جورج عون وفي جونيه مع جوان حبيش مثلا.

لكن الجديد الذي أبرزته الانتخابات البلدية وجود تمايز، بين «العونيين» و«التيار الوطني الحر». بدا ذلك شديد الوضوح في كسروان، من زوق مكايل وزوق مصبح الى جونيه وفاريا وغيرها. يقال كلام كثير في هذا المجال في اوساط «العونيين»، ينتهي جميعه بالدعوة الى «اطالة عمر الجنرال».

اما ترنح تفاهم معراب، فيؤكد صانعوه بأنه لن يقع. يعرفون أن شوائب اعترته «لكنها لن تؤثر في القناعات الراسخة لدى الطرفين بأن مرحلة الخلافات طويت الى غير رجعة». يضيف احد المعنيين «خرج تفاهم معراب بأقل خسائر ممكنة من امتحان البلديات، وذلك بسبب حرص الفريقين على تحصينه وحمايته. لكن في النهاية نحن حزبان، قد نختلف او نتفق على رؤية بعض الامور، خصوصا اذا كانت على مستوى ادارة محلية، لكن لا عودة الى الوراء، بل معالجة الثغرات حيث وجدت والمراكمة على الايجابيات، وهي كثيرة».

ويبقى دور المستقلين الذين اثبتوا انهم ليسوا تفصيلا او تحصيل الحاصل. لم تتمكن الاحزاب من إلغاء نفوذ رئيس بلدية سابق، فكيف ببعض العائلات والبيوت السياسية؟ وحين ارادت الاحزاب تشكيل لوائحها الانتخابية في البلديات، تحالفت مع المرجعيات العائلية واصحاب الحيثيات المناطقية. لكن، في المقابل، يضيق الخناق على المستقلين، سواء لجهة تحالفاتهم او لجهة «حصانتهم» السياسية. واذا كانوا ضرورة في البلديات، يصبحون عبئاً على الاحزاب وتهديدا لها في الانتخابات النيابية الآتية يوما.