IMLebanon

هل تساهم ايران في صندوق اعادة النازحين؟

 

أبدت إيران على لسان وزير خارجيتها محمّد جواد ظريف خلال زيارته الأخيرة الى لبنان ولقائه المسؤولين اللبنانيين، من ضمن استعدادها لمساعدة الحكومة اللبنانية في مختلف المساعدات، تقديم يدّ العون لها لمعالجة مسألة النازحين السوريين التي تحتاج الى تأمين العودة الآمنة لهم الى المناطق المستقرّة في سوريا، سيما أنّ تداعيات هذا النزوح، على ما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كانت كبيرة على الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية في لبنان. فما هو هذا الدور الذي ستلعبه في مساعدة لبنان على تحقيق هذه العودة؟!

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة رأت أنّه انطلاقاً من إيلاء حكومة «الى العمل» ملف النازحين واللاجئين في لبنان أهمية خاصة، لجهة تأمين عودة آمنة للسوريين الى بلادهم والفلسطينيين الى ديارهم، مع تعيين وزير لمتابعة هذا الملف مع الوزارات الأخرى المعنية مثل وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الشؤون الإجتماعية، فإنّ هذا الملف سوف تتمّ معالجته مع الدول التي تُقدّم المساعدات للبنان بهذا الشأن. وآخرها عرض الوزير الإيراني ظريف على المسؤولين السياسيين إمكانية مساعدة بلاده في هذا المجال.

 

وأوضحت الاوساط أنّ هذه المساعدة ستكون بضغط إيراني على سوريا لجهة حلّ بعض المعوقات والعراقيل التي تجعل السلطات السورية ترفض بعض الأسماء من اللوائح التي تُقدّم لها من قبل الأمن العام اللبناني، والتي تضمّ أسماء النازحين السوريين الراغبين بالعودة الى بلادهم. فبإمكان إيران الطلب من سوريا القيام بمجموعة إجراءات تخيف النازحين السوريين من العودة مثل مسألة الخدمة العسكرية الإجبارية التي تفرض دفع بعض الغرامات على المتهرّبين منها، أو بعض التحقيقات القاسية التي تُجرى معهم، الى بعض القوانين المفروضة عليهم وغير ذلك. على أن يكون الحلّ بتخفيض مدّة الخدمة الإلزامية أو رفع الغرامات أو تخفيضها، والقيام بتحقيقات تُسهّل العودة ولا تعرقلها.

 

فالعودة الجماعية للنازحين لها أصول تقول الاوساط، وعلى هؤلاء تقديم كلّ ما تطلبه منهم دولتهم من أوراق ثبوتية ومستندات، علماً أنّ العديد منهم قد أضاعها، أو هرب من دون أن يحملها، فضلاً عن بعض حالات الولادات والوفيات التي حصلت خلال سنوات النزوح في لبنان ولم يحصل أصحابها على أوراق رسمية. ولهذا سيكون على إيران المساعدة أيضاً في هذا المجال بهدف تأمين عودة أكبر عدد ممكن من النازحين السوريين الى بلادهم.

 

من هنا، فإنّ التدخّل الإيراني المستجدّ في هذا الملف، من شأنه، على ما عقّبت الأوساط نفسها، تليين موقف السلطات السورية تجاه بعض الإجراءات المشدّدة بحقّ الراغبين بالعودة. علماً أنّ القانون رقم 10 المتعلّق بحقّ الملكية قد جرى تسهيله كثيراً من قبل النظام، ولم يعد هناك اي هواجس بشأنه.

 

يبقى أنّه على الحكومة الجديدة تصنيف النازحين السوريين، وإجراء دراسة دقيقة تتضمّن عددهم الفعلي، وليس ذلك الذي تُعلنه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي أصبح بحسب معلوماتها لا يتعدّى الـ 860 ألف نازح فقط، في حين أنّ العدد الفعلي يتخطّى المليون ونصف المليون نازح. فالكثير من النازحين السوريين يسكن في المنازل والمساكن بالإيجار في مختلف المناطق، وعدد هؤلاء لا تحصيه المفوضية. غير أنّ الحكومة يُمكنها فعل ذلك عن طريق الإستعانة بالبلديات في كلّ منطقة.

 

وأشارت الاوساط الى أنّ المبادرة الروسية التي وافقت الحكومة الجديدة على المضي فيها لحلّ ملف النازحين السوريين، تسير بخطوات ثابتة، وإن كانت بطيئة نوعاً ما، سيما أنّها تحتاج الى صندوق دعم مالي لكي تتمكّن من إعادة 6.5 مليون نازح سوري من لبنان ودول الجوار. وكشفت أنّ هذا الصندوق قد وافقت دول عدّة على دعمه حتى الآن، مبدية حماسة كبيرة في المساهمة المالية فيه، أبرزها الصين وألمانيا (التي وصل عدد النازحين السوريين الذين استضافتهم على أراضيها الى نحو مليون نازح، ثمّ قامت تدريجاً بتقليص هذا العدد مع اعتماد إجراءات مشدّدة بحقّهم، كما من خلال ترحيلها لعدد منهم، أو رفضها لطلبات لجوء عدد آخر منهم).

 

وتساءلت الاوساط: «هل تنضمّ إيران الى هذا الصندوق أو لا تنضمّ بعد أن وعدت لبنان بالمساعدة في ملف النزوح»، ليس من إجابة واضحة على هذا التساؤل حتى الآن، لكن يبدو أن المساعي سوف تصبّ في كلّ الإتجاهات التي يُمكنها مساعدة لبنان بشأنها. كذلك فإنّ مسألة توجيه المساعدات المالية للنازحين لمساعدتهم على العودة الآمنة الى بلادهم، التي لا تقوم بها مفوضية اللاجئين حالياً، قد تعتمدها روسيا من خلال المبادرة التي انطلقت فيها منذ أشهر، وستواصلها بالطبع مع انطلاق عمل الحكومة الجديدة الفعلي، وربما تدخل إيران على خط هذه المساعدات.

 

علماً أنّ أكثر ما يُشجّع النازحين السوريين على العودة، على ما ذكر لبنان في وقت سابق، أمام المحافل الدولية، على ما شدّدت الأوساط، أمران: الأول، رفض إبقاء النازحين السوريين في لبنان ودول الجوار رهائن للحلّ السياسي في سوريا، والثاني، ضرورة استمرار تقديم المساعدات المالية لهم التي تأتي من الدول المانحة الى حيث يعودون أي الى المناطق الأصلية التي فرّوا منها في سوريا. على أن يحصل هذا الأمر خلال فترة ستة أشهر على الأقلّ من تاريخ عودتهم، لكي يتمكّنوا من الإستقرار وبناء ما تهدّم من منازلهم، واستعادة بالتالي حياتهم الطبيعية.

 

وأشارت الاوساط، الى أنّ المبادرة الروسية تُساهم كثيراً في تأمين استعادة النازحين السوريين لحياتهم الطبيعية في بلادهم من خلال قيامها بإعادة إعمار بعض المستشفيات والمستوصفات وتأهيل الطرقات والمدارس والمساكن في عدد كبير من المناطق. فالنازحون السوريون الذين يتولّى الأمن العام اللبناني إعادتهم الى سوريا على دفعات، وفي باصات مجانية، بالتنسيق مع السلطات السورية، تقوم روسيا باستقبالهم في المراكز الخاصة التي أنشاتها في المناطق السورية لذلك، ومن ثمّ تقوم بتوزيعهم على مناطقهم، بعد أن تُنهي حالات إعادة الإعمار اللازمة. علماً أنّها تقوم بكلّ ما في وسعها في هذا المجال، ولا تزال تُحاول مع دول عدّة من المجتمع الدولي للحصول منها على مساعدات مالية لتغذية الصندوق المالي الخاص بإعادة إعمار سوريا وإعادة النازحين اليها.