IMLebanon

هل تحرّر موسكو الحريري من ضغوط التواصل مع سوريا؟

تاركا خلفه كل الملفات الخلافية المتفجرة واللغط المحيط بها، وصل رئيس الحكومة سعد الحريري الى العاصمة الروسية لاجراء اتصالات يغلب عليها الطابع السياسي بامتياز، على رأس وفد لفت في تشكيلته غياب وزير الدفاع الوطني عنه،في اشارة الى ان المحادثات لن تدخل في صلب الملف العسكري ومساعداته.

فبين زيارتي واشنطن وباريس تأتي رحلة الحريري الى موسكو، التي تكتسب زيارته اليها اهمية كبرى نظرا لدور روسيا في الملف السوري واشرافها على مناطق خفض التصعيد التي ستؤمن عودة النازحين السوريين، مكملة في سياق المساعي التي يقوم بها على صعيد ملف اللاجئين السوريين في ضوء ما يحكى عن تسوية سياسية للملف السوري، قد لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية اللبنانية،بعدما تحول هذا الملف بكل تداعياته الى مشكلة اساسية تهدد الكيان اللبناني.

واذا كان الطابع المالي قد غلب على مباحثات اللاجئين خلال الزيارة الباريسية  التي انتهت الى وعود بعقد، مؤتمر «روما2» المخصص لدعم الجيش اللبناني عن طريق تقديم مساعدات دعما للمؤسسة العسكرية، رغم الكلام الدولي عن ضرورة اعادة تحديد الاولويات وفقا للحاجات الجديدة في ضوء المستجدات الجديدة بعد تحرير الجرود من ارهاب «داعش» و«النصرة»، في الوقت الذي بدأ الاميركيون البحث جديا بهذا الامر، مرورا بمؤتمر «باريس 4»: ذات الطابع المالي بامتياز، والمخصص لتمويل المشروع الاستثماري لتنشيط الاقتصاد من خلال الاستثمار في البنى التحتية، من خلال استقطاب موارد تمويلية للبرنامج الاستثماري لدعم البنى التحتية، من جهة، وتفعيل دور القطاع الخاص الفرنسي لانشاء شركات مع اللبنانيين في موضوع اعادة اعمار سوريا، التي ينظر ان يلعب لبنان دورا اساسيا فيها وممرا ملزما عبر مرافئه، كذلك لتلبية الاحتياجات اللبنانية الطارئة من خلال تفعيل المساعدات للاجئين على مختلف المستويات الانسانية والاجتماعية، خصوصا على الصعيد التربوي بحسب ما تبلغ وزارة التربية في رسالة فرنسية عن عزم «الايليزيه» رفع مساعدته في هذا المجال، وصولا الى مؤتمر «عودة اللاجئين»، المخصص لوضع اسس محددة لتنظيم العودة «الآمنة» للاجئين الى مناطق خفض التوتر في سوريا التي تتوسع رقعتها، فان الجو السياسي هو الغالب بامتياز على صعيد الزيارة الى موسكو.

فالكلام الواضح الذي سمعه الحريري من الرئيس الاميركي دونالد ترامب في واشنطن حول الملف اثار «نقزته»، ما جعله يعول على لقائه الرئيس الروسي بوصفه فاعل اساسي على الساحة السورية، من هنا فان هذه الزيارة تأتي لاهداف سياسية، وتحديدا وضع لبنان على خارطة التسوية من خلال رعاية موسكو للحل السياسي، حيث سيطالب الوفد اللبناني بمراعاة خصوصيته واخذ وضعه في الاعتبار، نظرا لعدة اعتبارات،الاول، مشاركة احد الاطياف اللبنانية في تلك الحرب بفاعلية وتحوله الى قوة اقليمية وجزءا اساسيا في محور انتصر، الثاني، الواقع الجغرافي الحدودي مع سوريا، وثالثا، ملف عودة النازحين، الذي بات قاب قوسين او ادنى من ان يفجر الوضع الداخلي اذا ما تم عطفه على مسألة اعادة التواصل مع الحكومة السورية، ورابعا الطلب الى الحكومة السورية تخفيف الضغوط التي تمارسها ضد لبنان.

تكشف المصادر ان  الحريري سينقل الهواجس اللبنانية الى القيادة الروسية، والمخاوف من ان يتحول لبنان الى ورقة في «بازار» التسويات والمفاوضات الدولية، وان يدفع ثمن هذه الحلول، مشددا على ضرورة مساعدة موسكو لبيروت من خلال، الضغط لوضع خطة اممية مدروسة لعودة النازحين، وبالتالي سحب هذا الملف من البازار السياسي الداخلي وبالتالي تحرير الموقف اللبناني من هذا العبء، على ان ينال لبنان على هذا الصعيد جزءا من المساعدات التي ستخصص لسوريا بعد الحل تعويضا له عما تحمله من خسائر نتيجة اللجوء السوري، من جهة ودعم المطلب اللبناني بترسيم الحدود اللبنانية – السورية بعد حسم النزاع حول بعض النقاط المتنازع عليها.

 فهل ينجح رئيس الحكومة في موسكو بتحقيق الانجاز السياسي الذي عجز عنه في واشنطن،بعدما حصل على وعود فرنسية بالجملة؟