IMLebanon

هل يعود ساترفيلد لاستكمال مهمّة ترسيم الحدود… اما للتوديع واعلان اسم خلفه؟

 

بعد أن غاب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة ديفيد ساترفيلد عن الساحة اللبنانية خلال الأسبوعين الماضيين منذ بدء مهمته كوسيط أميركي في أيار الفائت لإطلاق المفاوضات «غير المباشرة» بين لبنان والعدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية والبريّة، يعود الى بيروت الثلاثاء المقبل ليلتقي المسؤولين اللبنانيين ولا سيما رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي تمّ تأجيل اجتماعه الأخير به.

 

وتقول مصادر ديبلوماسية مواكبة انّ أحداً لا يدري حتى الآن ما إذا كانت الإدارة الأميركية قد قرّرت أن يستكمل ساترفيلد مهمّته حالياً، كوسيط أميركي أم أنّه يأتي ليُودّع المسؤولين اللبنانيين ويُعلن اسم خَلَفه، لا سيما بعد تأكيد رئيس مجلس الشيوخ الأميركي يوم الجمعة أنّ ساترفيلد سيكون سفير الولايات المتحدة الأميركية الجديد في تركيا لملء المنصب الذي كان شاغراً منذ العام 2017. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن عن نيّته تعيين ساترفيلد في شباط الماضي في هذا المنصب خلفاً للسفير جون باس الذي غادر تركيا كآخر سفير أميركي لها (بين عامي 2014 و2017) وسط أزمة تأشيرة بين واشنطن وأنقرة. وكان السيناتور الأميركي تشاك غراسلي قد علّق تعيين ساترفيلد بسبب نزاع مع وزارة الخارجية بشأن مشروع قانون جديد للإرهاب.

 

وتُرجّح المصادر، أن يستكمل ساترفيلد مهمّته كوسيط أميركي الى أنّ يتمّ التوافق بين لبنان والعدو الاسرائيلي على الأقلّ على إطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبريّة، سيما أنّ وجوده في تركيا القريبة جغرافياً من لبنان و«إسرائيل» يُسهّل عليه التنقّل الى كلّ منهما كلّما دعت الحاجة. ولفتت المصادر الى أنّه بعد إطلاق المفاوضات قد يتولّى خلفه مساعد وزير الخارجية الأميركية بالأصالة ديفيد شينكر هذه المهمة بدلاً منه، أو أي ديبلوماسي أميركي آخر مطّلع على ملفات المنطقة، إذا ما رأت واشنطن أنّ وجود الوسيط الأميركي بين لبنان والعدو الإسرائيلي يستلزم منه تفرّغاً أو وقتاً طويلاً.

 

وفي رأي المصادر، إنّ شينكر خبير في شؤون الشرق الأوسط أيضاً، على غرار ساترفيلد، ويُتقن اللغة العربية الأمر الذي يُسهّل عليه مهمّته في لبنان، غير أنّ انحيازه العلني و«الفاضح» للعدو الإسرائيلي قد يعيق المفاوضات بدلاً من أن يُسرّعها، وهذا ما جعل الإدارة الأميركية تأخذ وقتها قبل اتخاذ القرار المناسب لها، وخصوصاً أنّها تودّ رؤية ملف ترسيم الحدود منجزاً في أسرع وقت ممكن. لهذا، فإنّ واشنطن، بحسب بعض العارفين، قد تستبعد شينكر، على الأقلّ في المرحلة الراهنة، عن مهمّة الوسيط الأميركي قبل موافقة الجانبين على إطلاق المفاوضات الفعلية للترسيم. ومتى وُضعت هذه الأخيرة على السكّة الصحيحة، فلكلّ حادث حديث، أي أنّها قد تُبقي ساترفيلد أو تُعيّن بديلاً له مثل شينكر أو أي ديبلوماسي أميركي آخر ليكون حاضراً في الإجتماعات التي ستجري بين الجانبين في مقرّ قوّات الطوارىء «اليونيفيل» في الناقورة تحت إشراف ورعاية الأمم المتحدة.

 

في الوقت نفسه، أوضحت المصادر أنّ الاستغناء عن ساترفيلد في الوقت الراهن، لا سيما لإنجاز هذه المهمة يبدو صعباً بعض الشيء، وخصوصاً أنّه شغل سابقاً منصب نائب رئيس بعثة الولايات المتحدة في العراق، وكان سفيراً لبلاده في لبنان، وتولّى منصب مدير شؤون الشرق الأدنى في مجلس الأمن القومي، وكذلك في سوريا وتونس والسعودية، الأمر الذي يجعله مطلّعاً كفايةً على كلّ ملفات المنطقة. ولهذا فإنّ واشنطن، تعوّل عليه لإنجاز مهمة الترسيم، سيما أنّه كان آخر المكلّفين ملف النزاع البرّي والبحري بين لبنان و«إسرائيل» على الخطّ الأزرق وفي المنطقة الإقتصادية الخالصة. وترى بالتالي أنّ وجوده في تركيا كسفير للولايات المتحدة الأميركية لا يتعارض مع استكمال المحادثات التي بدأها بين لبنان والعدو الاسرائىلي في أيار المنصرم، وقيامه بتحرّكه المكوكي مجدّداً.

 

وتتوقّع المصادر أن يقوم ساترفيلد بنقل الردود الأخيرة من العدو الإسرائيلي على المواقف اللبنانية لا سيما في ما يتعلّق بوضع سقف زمني للمحادثات بين الطرفين، بعد إصرار لبنان على رفض تحديد فترة التفاوض بـ 6 أشهر، وموافقة العدو الإسرائيلي على عدم جعلها أمراً شرطياً بل مقترحاً لهذه المهلة. وهذا يعني أنّ العدو الإسرائيلي يُبدي بعض الليونة للحصول على مبتغاه، ما يشير الى أجواء إيجابية سينقلها ساترفيلد الى المسؤولين اللبنانيين. وتقول المصادر انّه إذا كانت إسرائيل موافقة على جميع المطالب اللبنانية، فإنّ موعد إطلاق المفاوضات سيتقرّر قريباً.

 

ولفتت المصادر، الى أنّ مغادرة ساترفيلد السريعة الى بلاده منذ نحو الأسبوعين صبّت في إطار «الوقف المؤقّت للمحادثات بين الجانبين» لتمرير الشقّ الإقتصادي من «صفقة القرن» الذي جرى إعلانه في مؤتمر البحرين الذي عُقد أخيراً ومعرفة ردود فعل دول المنطقة عليه. كما في انتظار الموافقة على تعيينه كسفير للولايات المتحدة الأميركية في تركيا أم لا من قبل مجلس الشيوخ الأميركي لكي تُقرّر إدارته استمراره في مهمّته أم تعيين بديل له.

 

كذلك فإنّ ساترفيلد يودّ النجاح في مهمّة الترسيم العالقة منذ سنوات، خصوصاً بعد أن لمس أنّ الفرصة سانحة أمامه اليوم للتوصّل الى إقناع لبنان و«اسرائىل» بضرورة بدء المفاوضات «غير المباشرة» لترسيم الحدود وإنهاء ملف النزاع البحري والبرّي، لكي يتمكّن كلّ منهما من متابعة العمل في التنقيب عن الغاز والنفط واستخراجهما من المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة له. غير أنّ شيئاً ليس مؤكّداً بعد، سيما أنّ ساترفيلد يحتفظ بالحقيقة في جعبته الى حين زيارته المرتقبة الى بيروت مطلع الأسبوع المقبل