IMLebanon

قمة العجز المزدوج: تغيير الوسيط ام الموازين؟

 

تعددت القمم والاجتماعات العربية والاسلامية حول القدس وفلسطين، والنتيجة واحدة: بيانات قوية الانشاء، ضعيفة الفعل، محدودة التأثير. وقمة اسطنبول لمنظمة التعاون الاسلامي التي تضم اكثر من خمسين دولة ليست استثناء من القاعدة. فالرئيس رجب طيب اردوغان دعا القادة الى قمة للرد على قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. والرد جاء، بصرف النظر عما دعا اليه بعض القادة من خطوات عملية غير كلاسيكية، في بيان ختامي كثير البنود، ولكن بما يصعب ان يقود الى تغيير الواقع الخطير الذي زاده ترامب خطورة.

ذلك ان جوهر المسألة هو ان القدس محتلة منذ نصف قرن، ومشكلة العرب والمسلمين هي العجز المزدوج: العجز عن تحرير القدس بالقوة، والعجز عن استعادتها بالتفاوض في عملية سلام. وما فعله ترامب هو تكريس اميركي لواقع اسرائيلي من دون ان يحدد حدود القدس كعاصمة لاسرائيل. لكن القرار المدان المخالف لقرارات الشرعية الدولية لا يبدل شيئا في مكانة القدس، ولا يلغي قرارات مجلس الامن ولا حقوق الشعب الفلسطيني والطابع الدولي للقدس كعاصمة روحية لأبناء الديانات السماوية.

ومن المهم ان يتفق القادة في قمة اسطنبول على اعلان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. لكن الاهم هو القدرة على تغيير الواقع الذي لا يغيره قرار القمة. ولا بأس في الذهاب الى مجلس الامن لمطالبته بحماية قراراته عبر ابطال الخرق الاميركي لها، ثم الى الجمعية العمومية اذا فشل المجلس. لكن الكل يعرف ان الفيتو الاميركي حاضر، وان قرارات الجمعية العمومية لها قيمة معنوية فقط، وان من الصعب تراجع ترامب عن قراره.

والتحدي الحقيقي مكتوب على الجدار امام الجميع: تغيير موازين القوى بما يقود الى تحرير القدس المحتلة بالقوة أو الى القدرة على فرض استعادتها بالتفاوض. وبكلام آخر، اعادة الاعتبار الى الخيار العسكري الى جانب الخيار السلمي. لكن القمة بقيت في حدود التوقعات، بصرف النظر عن الامنيات. فهي تجاهلت حتى الاشارة الى التلويح بخيار عسكري، وركزت على التمسك بالخيار الوحيد المعتمد منذ سنوات طويلة، وهو السلام على اساس حل الدولتين. وما طالبت به، بدل تغيير موازين القوى، هو تغيير الوسيط والراعي الاميركي لعملية السلام، لأن قرار ترامب افقد واشنطن الاهلية لدور الوسيط.

وليس ذلك سهلا، ولا بالطبع بوليصة ضمان للتوصل الى تسوية سياسية عادلة. فالرباعية الدولية لعبت دورها وفشلت. والرهانات خارج القمة هي على انتفاضة شعبية ثالثة في الارض المحتلة لا أحد يعرف ما يرافقها من تطورات دراماتيكية.