IMLebanon

شـكـوك حول قدرة الحكومة الإستجابة لشروط ومُتطلّبات مُؤتمر «سيدر»

 

يعوّل بعض المسؤولين في لبنان وعدد من القوى السياسية على «تسييل» قروض مؤتمر «سيدر» من اجل تحريك العجلة الاقتصادية واطلاق الحلول لمجموعة واسعة من المشاريع الحياتية والتنموية والبيئية وخلق الاف فرص العمل، من خلال «رزمة» المشاريع التي اقترحتها حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة، وتصل الى 250 مشروعاً.

 

وفق خبير اقتصادي ـ اعدّ رؤية شبه متكاملة للاجراءات المطلوبة لاخراج لبنان من ازماته المتراكمة ـ فان مجموعة من المشاريع المقترحة لتنفيذها من قروض «سيدر»، هي مشاريع حيوية وضرورية، من معالجة ازمة الكهرباء واصلاح هذا القطاع، الى الحد من العجز في المالية العامة وتنامي الدين العام، وكذلك الحد من الانفاق غير الضروري، الى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال جملة من الاجراءات ابرزها اقرار التشريعات المطلوبة لذلك، الا ان الخبير المعني يطرح جملة تساؤلات ومخاطر حول الشروط التي يضعها الاتحاد الاوروبي والصناديق الدولية المعنية على لبنان، كما يضع جملة علامات استفهام حول اصرار البعض في لبنان على الربط بين اطلاق خطة الانقاذ الاقتصادي ومعالجة الازمة المالية بحصول لبنان على قروض مؤتمر «سيدر» والتي تصل الى 12 مليار دولار.

 

فعلى مستوى الشروط والاملاءات المطروحة للبدء «بتسييل» القروض المذكورة يتوقف الخبير الاقتصادي عند العديد من المخاطر التي ترهن تحويل القروض للمشاريع المرفوعة من الحكومة السابقة واهمها:

 

1ـ ما يتوضح خلال زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى بيروت من اشتراطات اميركية على لبنان، في مقابل سماح واشنطن لحلفائها والبنوك الدولية «تسييل» القروض، من خلال دخول الحكومة مباشرة في تشديد الحصار المالي والاقتصادي على حزب الله.

 

2ـ اشتراط الدول المقرضة، بان تحدد الحكومة اللبنانية ما نسبته 2 بالمئة من اليد العاملة التي سيتم تشغيلها في المشاريع المقترحة هم من النازحين السوريين، تطبيقاً للتوجه الغربي الرامي الى فتح سوق العمل في لبنان امام النازحين.

 

3ـ مجموعة كبيرة من الاملاءات الغربية على لبنان تنفيذها او التعهد السير بها، من خلال اقرار التشريعات لها، ومنها خصخصة قطاع الكهرباء على المدى المتوسط على ان يسبق ذلك تحرير الانتاج، خصخصة قطاع الاتصالات وكذلك قطاع النقل، وتحديداً ما له علاقة بالمرفأ والمطار، تخفيض القطاع العام، حيث ترك هذا الشرط ضبابية، يضاف الى ذلك الطلب بصورة غير مباشرة الانقضاض على نظام التقاعد وايضاً نهاية الخدمة، اي افلاس الضمان الاجتماعي ووضع «اليد عليه»، الى جانب الهيئات الاخرى المعنية.

 

وانطلاقا من ذلك، يطلق الخبير الاقتصادي مجموعة تحذيرات من خطر الرهان على ان الانقاذ الاقتصادي والمالي مرتبط بحصول لبنان على قروض «سيدر»، ويؤكد انه حتى اليوم فهناك العديد من العوائق والعقبات التي تعترض وضع تعهدات المؤتمر على بساط التنفيذ وهي:

 

– اولاً: ليس في قدرة اي فريق في لبنان على السير بما تحاول الادارة الاميركية فرضه من شروط سياسية على الحكومة للافراج عن القروض.

 

– ثانياً: هناك اكثرية داخل الحكومة ترفض الاشتراط الغربي لاعطاء «كوتا» للنازحين السوريين في عملية التوظيف المنتظرة.

 

– ثالثاًك هناك شكوك كبيرة، بان تتمكن الحكومة من الايفاء بالاشتراطات الاخرى، والتي لها علاقة بخصخصة بعض القطاعات او الاجهاض على القطاع العام ونظامي التقاعد ونهاية الخدمة. لان هناك اطرافاً سياسية كبرى واساسية داخل الحكومة وخارجها تعارض بشدة هذه التوجهات.

 

وحتى، في حال تمكنت الحكومة من تجاوز كل «المطبات» التي تعيق وفاء الدول التي تعهدت في مؤتمر «سيدر» بما التزمت به، يلاحظ الخبير الاقتصادي ان اطلاق عجلة المشاريع المقترحة يحتاج الى فترة غير واضحة، ولهذا يشير الى الامور التالية:

 

– الامر الاول، طبيعة الآليات التي ستعتمد في تنفيذ المشاريع لتتم بصورة شفافة، بعيداً عن المحاصصة والصفقات التي تدور حولها الشبهات، في وقت اكد اكثر من فريق سياسي مشارك في الحكومة، بدءاً من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان كل مشروع من المشاريع المقترحة سيتم بحثه وتفحصه بكل تفاصيله، خاصة آليات التنفيذ.

 

– الامر الثاني، هناك صعوبة كبيرة بموافقة عدد من القوى السياسية من داخل الحكومة، بما خص الاشتراطات الاجتماعية والحياتية ومصير القطاع العام، يضاف الى ذلك ان هذا التوجه من جانب الحكومة سيفتح مشكلة اجتماعية كبيرة كونها تطل مئات الاف اللبنانيين، حيث ستضطر عندها كل الجهات النقابية المتضررة النزول الى الشارع.

 

– الامر الثالث، مخاطر اللجوء الى مزيد من الاقتراض، ما سيقود حكماً ليس فقط الى رفع كمية الدين العام، بل الى زيادة كبيرة على فوائد الدين العام حيث بلغت اليوم ما يزيد عن 35 بالمئة من اموال الموازنة العامة، مع العلم – كما يقول الخبير الاقتصادي – ان احد اصلاحات مؤتمر «سيدر» يدعو للحدّ من تنامي الدين العام، ما يظهر وجود تناقض كبير بين التوجه نحو الاقتراض وبين الدعوة للحد من تنامي الدين.