IMLebanon

الدعوة الى إنتخابات نيابية مبكرة «هرطقة» و«شعبوية»

 

 النواب يسعون في كواليسهم الى التمديد… والمخاطر ترتسم حول أسماء عدة !

 

تتكرّر كل يوم دعوات النواب المعارضين بضرورة إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لإعادة انتخاب مجلس نيابي جديد، وهذا المطلب لسان حال الحراك الشعبي، بهدف إحداث تغيير كبير على الصعيد السياسي في البلد، ينطلق من ساحة النجمة اولاً ليلعب دوره في إلانتخابات الرئاسية المغايرة، وصولاً الى تشكيل حكومة جديدة قادرة على القضاء على كل اشكال الفساد في لبنان.

 

لكن ثمة اسئلة تطرح انطلاقاً من هذه الدعوة، فهل تسمح الظروف والاوضاع المتدهورة على كل الاصعدة الى إجراء انتخابات نيابية سابقة لأوانها؟ فيما لم تستطع الدولة إجراء الامتحانات الرسمية هذا العام تحت حجة الكورونا والتكاليف المادية الباهظة، فكيف ستستطيع إجراء انتخابات نيابية مبكرة في هذه الظروف مع ان كلفتها اكبر بكثير؟ ومن سيُوّقع على إجرائها؟ فالمجلس النيابي الحالي خائف من رسوبه المدويّ هذه المرة، لان الناس سئموا وقرفوا من إعادة انتخاب الطقم السياسي عينه، في ظل كل التدهور الحاصل والجوع والبطالة والهجرة، والى ما هنالك من ويلات وصل اليها الشعب اللبناني. فهناك صعوبات عدة أمام تحقيق هذا المطلب بما يتناسب مع تطلعات الانتفاضة الشعبية، وبعض الداعين الى هذه الانتخابات خصوصاً مَن حصل على أصغر كتلة نيابية في انتخابات ايار 2018، وكان أكبر الخاسرين فيها، لكنه اليوم يراهن كما جرت العادة على التغيير في القرار الشعبي، املاً ان يزيد عدد كتلته في حال جرت إنتخابات نيابية مبكرة، لكنه يعرف ضمناً ان حصولها قبل اوانها لن يحقق له حتى الشعبوية او الفوز بنائب واحد، لان اللبنانيّين تواقون الى التغيير، ولن يُرجعوا العديد من النواب الى الندوة البرلمانية مهما كلّف الامر.

 

الى ذلك تشير مصادر قانونية مطلعة على هذا الملف، الى وجود صعوبة كبرى بتحقيق هذه الدعوة، لان إقرار المجلس النيابي الحالي بتقصير ولايته كمدخل لإجراء إنتخابات نيابية جديدة، يشكّل رهناً بموافقة الاطراف السياسية الاساسية في السلطة، وهذا صعب جداً بسبب تمسّكهم بمناصبهم، والمطلوب ثورة شعبية كبرى يشارك فيها اكبر عدد ممكن من اللبنانيّين كي يتحقق هذا المطلب، لانه لن يحصل إلا تحت ضغط الشارع، فيما ظروف لبنان الاقتصادية والمالية والمعيشية المتدهورة ستكون الحجّة الاكبر لعدم إجراء هذه الانتخابات، فضلاً عن انّ إجراءها يتطلب الاتفاق على قانون انتخابي جديد، وهذا من رابع المستحيلات اليوم في هذه الظروف تحديداً. كما انّ من وصل الى النيابة عبر هذا القانون لن يتخلى عن مركزه مهما حصل.

 

وتلفت المصادر المذكورة الى وجود طرق اخرى منها، إستقالة أكثر من نصف عدد النواب، وبذلك يصبح المجلس النيابي غير قادر على الانعقاد، بسبب عدم إكتمال النصاب القانوني، وعندها ستضطر الحكومة للدعوة الى انتخابات نيابية جديدة، او الى انتخابات فرعية وهذا صعب جداً لا بل مستحيل، خصوصاً اذا كانت الاستقالات تفوق نصف اعضاء المجلس، فبالتأكيد لن يحصل لان كل نائب متمسّك بكرسيه اكثر من أي وقت مضى.

 

ونقلت المصادر، عن وزير سابق بأنّ رائحة التمديد بدأت تفوح في انوف اكثرية نواب ساحة النجمة، وذلك ضمن الكواليس السياسية البعيدة عن العلن، لانهم يعرفون انه في حال حصلت انتخابات نيابية لن يعودوا هذه المرة، بل سيكونوا خارج الندوة البرلمانية، ورأت المصادر، بأن العرقلة تبدو ظاهرة على مستوى كل الملفات، والشعب «قرف» من كل هذا الوضع، وهو بالتأكيد لن يعيد تصويته الخاطئ لأكثرية النواب الموجودين. وانطلاقاً من هنا فهؤلاء خائفون على مصيرهم الانتخابي لذا يستعدون للعرقلة، وتكرار سيناريو التمديد منذ الان وإن لم يظهر بعد.

 

واشارت المصادر عينها الى انها سمعت هذا الكلام ايضاً من احد النواب، الذي يدعو يومياً عبر وسائل الاعلام الى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، فيما لا يستبعد التحضير لإيجاد مخرج لائق للتمديد سيتولاه احدهم، من خلال تقديمه اقتراح قانون معجّل مكرر، معتبرة بأن «البندورة والبيض» سيصلان هذه المرة في حال لفظوا كلمة تمديد الى بيوت النواب وغرف نومهم، من قبل اللبنانيين والحراك الشعبي وحتى اكثر من ذلك بكثير.

 

وعن رأي الاحزاب الموالية للسلطة بهذه الدعوة، لفتت الى ان نواب التيار الوطني الحر وكل المنضوين تحت جناح « تكتل لبنان القوي» لا يؤيدون ذلك بالتأكيد، لا بل بالعكس فهم يدعون الى تفعيل مجلس النواب وتمكينه من القيام بدوره من كل النواحي، كما ان حزب الله وحركة امل ليسا في وارد الدخول في أي نقاش من هذا النوع لان البلد لا يحتمل، وبدوره تيار المستقبل بشخص رئيسه سعد الحريري، الخارج من السلطة والخائف على موقع تياره في الانتخابات النيابية، خصوصاً في ظل وجود افرقاء سنّة أخرين لا يشاطرون رأيه السياسي، يبدو خائفاً جداً على موقع تياره في المجلس النيابي، خصوصاً في مناطق معينة من ضمنها طرابلس، لذا فهو بعيد عن هذه الدعوة ضمناً، وفي ما يخص الحزب التقدمي الاشتراكي وإن كان يقف في صف المعارضة نوعاً ما، فهو يؤيد إجراء انتخابات مبكرة لكن وفق الاتفاق على قانون انتخابي جديد، يتماشى مع مطالب الحراك الشعبي والدولة المدنية.

 

وأملت المصادر المذكورة بأن تشهد انتخابات العام 2022 تغيّيراً كبيراً في التمثيل النيابي وفي معظم المناطق، لان عودة الاحزاب باتت مرفوضة من قبل اكثرية الشعب اللبناني، خصوصاً تلك التي فشلت في وعودها، وهنالك فرصة كبيرة للتغيّير نتمنى ألا يغيّبها اللبنانيون هذه المرة، خصوصاً انّ المخاطر ترتسم حول أسماء عدة..!