IMLebanon

حملة سياسية للفلفة ملف فساد «التربية»

 

 

قرّرت الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، أمس، فسخ قرار إخلاء سبيل رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية وأمينة سر لجنة المعادلات بالتكليف ما قبل التعليم الجامعي في وزارة التربية، أمل شعبان، الموقوفة بعد الادّعاء عليها بجرمَي الرشاوى والإثراء غير المشروع في ملف الطلاب العراقيين، وأبقتها قيد التوقيف، معيدة الملف إلى قاضي التحقيق في بيروت القاضي أسعد بيرم. وذكرت الهيئة في قرار الفسخ أنها استندت إلى أقوال عدد من المدّعى عليهم الأولية والاستنطاقية، وأن القرار المستأنف واقع في غير محلّه، على أن يعود قاضي التحقيق وينظر اليوم في القضية، باعتبار أن هناك جلسة تحقيق ستُعقد للاستماع إلى شهود وموقوفين فيها.وكان المدّعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم، استأنف، نهاية الأسبوع الماضي، قرار بيرم بإخلاء السبيل، محيلاً القضية إلى الهيئة الاتهامية لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.

وفي الأيام الفاصلة بين القرارين، لم تعدم أسرة شعبان ومحاموها وسيلة للتأثير على التحقيق واستخدام الوسائل الإعلامية والمواقع الإخبارية والإلكترونية للضغط باتجاه توجيه الرأي العام وتضليله. وعلمت «الأخبار» أنه جرت الاستعانة بشركة متخصّصة تعمل في مجال الترويج الإعلامي لقاء مبالغ مالية لتلميع صورة شعبان، فيما كانت لافتة الحملة العنيفة التي شنّها تيار المستقبل على «قضاء غبّ الطلب» الذي «لا يحترم القانون، ويكيل بمكيال التشفّي من أمل شعبان لغايات وأهداف يراد منها طمس الحقيقة والتغطية على الفاسدين الحقيقيين ومافيات التزوير والسمسرة في ملف الشهادات وغيرها من الملفات في وزارة التربية». واعتبر أن «بعض القضاء يمعن في ظلم شعبان، في مهزلة سياسية – قضائية – تربوية»، معتبراً أن «أمل شعبان باتت عنواناً لكرامة المؤسسات وكرامة كل موظف شريف، وسنكون مع كل الشرفاء في البلد في صف الدفاع عنها، ولن نرضى، مهما كلّف الأمر، أن تدفع ثمن قضاء مسيّس وتشبيح يحاول النيل من مناقبيتها ونظافة كفّها»، ما يثير أسئلة حول «السلطة» التي تتمتّع بها شعبان إلى حدّ دفع إلى استفاقة التيار من غيبوبته، وأي حظوة تتمتع بها تدفع إلى اتهام فرع المعلومات وقاضي التحقيق الذي أوقفها والمدّعي العام المالي والهيئة الاتهامية التي تتألف من ثلاثة قضاة بالتآمر عليها؟ وهل اطّلع من يجهدون لبراءتها على التحقيقات، أم أن هناك مصالح لهم معها وامتدادات تجعلهم خائفين من تورّطها؟ وإذا كان هناك يقين من البراءة لماذا زار أهل شعبان ومحاموها عدداً من النواب عشية اجتماع الهيئة الاتهامية، وغرّد هؤلاء النواب للتأثير على القضاء؟

 

وهنا لا بد من التطرّق إلى نقاط قد تساعد التحقيق، منها أن شعبان قالت في التحقيق إنها عاقبت موظفتين شكّكت بأنهما تدخّلتا في ملفات الطلاب العراقيين، إحداهما الموظفة حسانة شهاب التي أشارت إلى أن الحملة عليها بدأت، عندما اعتقدت مخطئة بأنها إذا رفعت شكوى بشأن التجاوزات إلى المدير العام للتربية ورئيس لجنة المعادلات عماد الأشقر، فإنه سيتدخل لوقفها، لكن ما حصل كان عكس ذلك تماماً، إذ تدخّل الأشقر للتخلص منها، وإلغاء تعاقدها لمصلحة حماية شعبان. والسؤال هنا: كيف يُستدعى الأشقر بصفة شاهد، فإما أن ما قلناه لجهة أنه لا يترأّس اجتماعات لجنة المعادلات صحيح، وبالتالي يتحمل مسؤولية تمرير المعادلات من دون حضوره، أو أنه فعلياً يحضر الجلسات وبالتالي مسؤول بشكل مباشر عن المعاملات التي لم تمر وفق الأصول، ما ينبغي معه استدعاؤه إلى التحقيق لكونه مسؤولاً في الحالتين. والأهم: إذا كانت شعبان نفسها قالت إنها غضبت عندما صارحها مساعدها الأيمن الموظف الموقوف، رودي باسيم، بأنه تلقّى رشاوى لقاء تسهيل معاملات وهو الوحيد الذي لديه مفتاح الخزنة، وهذا دليل على ثقتها به، وأنه وضع المال الذي تلقاه داخل ظرف في الخزنة، فلماذا لم تستجوبه رسمياً وهي مسؤولته المباشرة؟ ولماذا لم تتخذ بحقه الإجراء نفسه الذي اتخذته بحق شهاب، علماً أنها كانت متـأكدة من ذلك في حين أنها عاقبت شهاب لمجرد الشك، بحسب زعمها؟ ولماذا أبقت معه مفتاح الخزنة وبقي يداوم يومياً في مكتبها وهو الوحيد الذي كان يدخله، في وجودها وغيابها حتى لحظة توقيفه؟ وهل اتُّخذ أي إجراء بحق الموظف محمد سعد الذي ظهر في الفيديوهات المنتشرة عبر الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يعتدي على الطلاب العراقيين في الوزارة؟

الهيئة الاتهامية ترفض إخلاء سبيل شعبان والتحقيق إلى المربع الأول؟

 

كل الضغوط تمارس لعدم التوسع في التحقيق، لأنه لو جرت مقارنة الجداول والمستندات لتبيّن أن هناك آلاف المعاملات التي كانت تُسلم من خارج المنصة (الموعد الذي يُقطع للطلاب العراقيين لتسلّم معاملاتهم)، وأنه جرى تمرير معاملات لا تستوفي الشروط، وأن هناك تلاعباً وتزويراً أبعد من تلقّي رشاوى، ويفترض أن تكشف كاميرات المراقبة كل المجموعة المتورّطة.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن الموظفين الذين يعملون على إدخال معلومات الطلاب على «السيستم» لإتمام المعادلات لا يباشرون بالمعاملة من دون توقيع شعبان.

وإذا سلّمنا جدلاً بأن شعبان ليس لديها علم بما يحصل، فمن هم إذاً الموظفون الذين ساعدوا باسيم على تنفيذ المعادلات؟ وماذا لو استُكمل ملف التحقيق في فرع المعلومات بشكل مهني وحرفي ولم يُقفل بإيعاز من المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان، وخصوصاً أنه كان مقرراً أن تكون هناك مقابلة بين الموظفة ماجدة فارس وإحدى الموظفات، فهل كان مسار التحقيق سيتغيّر؟ وهل سيكون من أُطلق سراحهم من الموظفين قيد التوقيف؟