IMLebanon

انشتاين وتكرار التجارب: مقاربة مختلفة للحكومة؟

 

ليس أسوأ من ان يصبح التأخر في انتخاب الرؤساء وتأليف الحكومات أقرب الى القاعدة منه الى الاستثناء سوى التكيّف مع هذه الحال. فلا من المعقول تهوين الأمور بالقول بعد شهرين على التكليف من دون تأليف اننا لا نزال ضمن المدة المعقولة. ولا من المقبول قضاء كل هذه الأسابيع بالجدل حول الحصص في الحكومة، وسط كل ما حولنا من أخطار وطنية وما أمامنا من تحديات سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية. لكن اللامعقول واللامقبول صارا الوضع المعقول والمقبول بقوة العجز عن الفعل الايجابي والقدرة الفائقة على الفعل السلبي.

وليس كل من يطالب في الداخل والخارج بالاسراع في تأليف الحكومة يريد ذلك بالفعل. فالمعنيون بالتأليف يبدون غير مستعجلين، بحيث يقضون من الوقت في الخارج أكثر مما يقضون في الداخل. ربما لأنهم يعرفون ما لا نعرفه، أو لأن إظهار اللااهتمام واللامبالاة واللاسرعة تاكتيك في خطة الضغوط لتليين المواقف المتصلبة حيال صيغة الحكومة، أو لأن المسؤولية في لبنان مخصخصة. والمتصارعون على تمثيل الأحجام والأوزان في الحكومة يعرفون ان مجلس الوزراء ليس مركز القرار في الواقع وان كان كذلك حسب الدستور. فالمهم هو الوجود والدور في مطبخ القرار خارج المجلس. أما عدد الوزراء في الحكومة لأي طرف، فانه لا يقدّم ولا يؤخّر. أليس موقف وزير واحد وراءه قوة يبدّل المواقف في مجلس الوزراء، باعتراف كثير من الوزراء في حكومات عدة أيام الوصاية وبعد الوصاية في حضور الوصاية البديلة؟

ما نفعله هو ببساطة دوران في مأزق.

 

دوران مستمر حول عقد معلنة من دون أي تغيير أو حلحلة لأي عقدة. واذا كانت العقد الداخلية المعلنة هي كل العقد التي تحول دون التأليف، فان أكثر ما ينطبق علينا هو قول انشتاين: ان تكرار التجارب على المواد نفسها وتوقّع نتائج مختلفة هو ضرب من الجنون. ولعله في حالنا ضرب من ممارسة السادية السياسية على الناس والبلد. ألم نصبح في حاجة الى تغيير المقاربة؟

ماذا عن مقاربة مختلفة لحجم الحكومة الثلاثينية أو نوع الحكومة؟ ماذا عن ترشيح شخصيات مختلفة عن الأسماء التقليدية لملء المناصب الوزارية بالكفايات المجرّبة؟ ماذا عن اعطاء الأولوية للحوار حول البرنامج الاقتصادي والمالي والسياسي للحكومة بدل الجدل حول الحصص، ثم اختيار الوزراء من الكتل الموافقة على البرنامج والمستعدة لتنفيذه من دون رفع المتاريس على طاولة مجلس الوزراء؟

أخطر ما يحدث في عصر ما بعد الحقيقة هو تأليف حكومة لا تحلّ الأزمة الحقيقية التي لا تزال تعرقل التأليف.