IMLebanon

قانون الانتخاب يغرق في الحوار

فرعية «الإدارة» تتبرأ من السياسة وتحضّر المواد التقنية

قانون الانتخاب يغرق في الحوار

ذابت «لجنة التواصل الانتخابي» في حرارة الحوارات والأحداث الأمنية. أقفل ملفها كما لو أنه لم يفتح قبلاً. من كان يجزم أنها إبرة مورفين مهمتها تخدير اللبنانيين كي يمر «التمديد» بسلاسة، قد لا يكون مخطئاً. عملياً اجتمعت اللجنة لنحو شهر. أكدت ما كان مؤكداً من تباعد وتقارب، ثم انزوت موحية أن مهمتها الفعلية لم تكن قانون الانتخاب. ومن هذا المنطلق، قدم النائب جورج عدوان، الذي علّق مشاركته في أعمال اللجنة إلى حين الحصول على جواب عن تحديد موعد للجلسة العامة، هدية لكل أعضاء اللجنة الذين أزاحوا عن أنفسهم عبء تحمل مسؤولية فشل التوصل إلى اتفاق.

مع ذلك، فإن أياً منهم إذا ما سئل لن يتردد في التأكيد أن ما كان ينقصهم هو القرار السياسي، إذ أن المسائل التقنية حلت في معظمها، ولم يبق سوى تقديم تنازل من هنا أو من هناك، لم يكن أحد مستعداً لتقديمه مجاناً. بهذا المعنى، كان لا بد أن تتوقف أعمال اللجنة عاجلاً أم آجلاً، خاصة أن الجميع صار على بينة بأن قانون الانتخاب لن يصل إلى الهيئة العامة إلا بعدما يصل رئيس الجمهورية إلى بعبدا. ولأن لا هذا ولا ذاك قريبان، فإنه لم يكن بإمكان اللجنة أن تجتمع إلى الأبد.

في العلن، ليس انسحاب عدوان في 16 كانون الأول الماضي هو السبب الفعلي لتجميد عمل اللجنة، فحينها أعلن الرئيس نبيه بري بشكل واضح أن «هذا الموقف القواتي لا يُنهي أعمال اللجنة والمهلة المحدّدة لها حتى مطلع السنة الجديدة». ما حصل أن المهلة انقضت من دون أن تعقد اللجنة أي اجتماع، حيث عاد وأكد رئيسها النائب روبير غانم، بعد لقائه بري حينها، عن إرجاء الاجتماع الذي كان مقرراً في 18 كانون الأول إلى موعد يحدد بعد الأعياد.

مرت الأعياد ويكاد الشهر الأول من العام واللجنة لم تدع إلى الانعقاد بعد. لكن غانم يوضح لـ «السفير» أن القرار سيتخذ بشأن معاودة اللجنة لعملها بعد لقائه الأسبوع المقبل الرئيس نبيه بري. لا يعتبر رئيس اللجنة الانتظار مضراً إذ قد «يخرج بقعة ضوء من الحوار». كما يذكّر أن غياب «القوات» لن يكون عقبة بوجه استكمال عمل اللجنة، خاصة أنه التزم بالنظام المختلط من خلال الاقتراح المقدم من جانبه مع «المستقبل» و «الاشتراكي». مع ذلك، فإن أحداً لا ينكر أن الموقف القواتي وضع الكتل النيابية في موقف حرج. فهي لا تريد أن تكرس سابقة تعطيل أحد الأفرقاء لعمل اللجنة، كما لا تريد استئناف اجتماعات بلا أفق واضح.

أحد أعضاء اللجنة يؤكد أن الأولوية اليوم قبل العودة إلى الاجتماع تكمن في الإجابة على عدد من الأسئلة المرتبطة بالحوار القائم بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»: هل سيدخل المتحاورون في النقاش التقني أم يرسمون توجهات عامة أم يعيدون النقاش إلى لجنة التواصل؟ الإجابة عن هذه الأسئلة ستوضح حكماً توجهات المرحلة المقبلة بشأن قانون الانتخاب، لكن في المقابل يبرز سؤال آخر، هل صار بالإمكان التفاؤل بتوجهات المرحلة المقبلة، وهل يمكن تحرير قانون الانتخاب من التفاهمات العامة؟

في اللجنة نفسها، يخرج من يؤكد أن قانون الانتخاب ليس على جدول أعمال الحوار في الأساس، وبالتالي فإن لا داعي لانتظار تطرق المتحاورين إلى هذا القانون بشكل خاص. وعليه، فإن المطلوب من المتحاورين أو من قياداتهم، بحسب المصدر، تحرير القرار السياسي الذي يعرقل التوصل إلى اتفاق انتخابي حتى الآن، ليتم بعده تفكيك الألغام العالقة على طريق التوافق الانتخابي، إن كان في اللجنة أو في الهيئة العامة لمجلس النواب، وهو ما يبدو صعب المنال إلا في سياق التسوية الشاملة.

مصادر المتحاورين تضع النقاط على الحروف. تقول إن قانون الانتخاب ليس على جدول الأعمال، لكنها توضح أنه سيقارب من باب النقاش العام فقط. هذا النقاش العام، الذي لم يحصل حتى الآن، يمكنه إذا ما كان جدياً أن يعبّد الطريق أمام إيجاد الحلول للدوائر الست المختلف على توزيع مقاعدها، بما يجعل توزيع عدد النواب بين النظامين النسبي والأكثري أمراً تفصيلياً.. على أهميته.

كل ذلك يعني أن قانون الانتخاب ما يزال معلقاً. وإلى أن يحين موعد الفرج، ثمة من يعمل بصمت لتمهيد الأرضية التقنية، التي يمكن إسقاطها تلقائياً على أي اتفاق سياسي يتعلق بالنظام الانتخابي والدوائر الانتخابية بما لا يسمح بمزيد من التأخير. فاللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الإدارة والعدل التي يترأسها مقرر اللجنة النائب نوار الساحلي ويشارك فيها النواب: غسان مخيبر، زياد أسود، إيلي عون، سيرج طورسركيسيان، سمير الجسر وهاني قبيسي، ما تزال مستمرة بنقاش بعيد عن السياسة للمواد التقنية التي يتضمنها القانون كالانفاق الانتخابي والإعلام والإعلان الانتخابيين وهيئة الإشراف على الانتخابات.. وهم إذ استمعوا في الاجتماع الأخير (أمس الأول) إلى اقتراحات هيئة الإشراف السابقة واطلعوا على التقارير التي كانت أصدرتها عن مخالفات المرشحين، فسيتابعون الاجتماع مع مختلف القطاعات المعنية، ولاسيما نقابتي الصحافة والمحررين والمجلس الوطني والهيئات النسائية…