IMLebanon

الدوائر الإنتخابية الصغرى… حتّى الفردية  

إن تقسيم الدوائر الإنتخابية يحسم نصف المعركة سلباً أو إيجاباً، لمصلحة هذا المرشح أو ذاك. والذين وضعوا القوانين الإنتخابية في لبنان كانوا يعتمدون (عموما) سلاح الدائرة لتحديد من يفوز ومن يرسب… لدرجة أنّ النتيجة كانت تُقرأ سلفاً، فتُعرف حتى قبل فتح الصناديق وليس بعد إقفالها وحسب!

هذا أمر معروف في لبنان، ولكنه ازداد بشاعة منذ مطلع التسعينات حتى اليوم، إذ كان تحديد الدوائر الإنتخابية يصل الى حد الفضيحة. فهل نسينا أنّ دوائر كانت تعتمد المحافظة وحدة للدائرة، ودوائر سواها تنطلق من القضاء، ودوائر ثالثة نصف محافظة، وسواها قضاءان أو ثلاثة أقضية! وهذا كان يحصل في القانون الإنتخابي الواحد…

وكانت الأهداف واضحة وجليّة بإشراف الوصاية وتحت رعايتها، ومع إستسلام أهل الداخل في معظمهم، بين مستفيد وتابع… وأما المعترضون فبين المنفى والسجن والإضطهاد.

من تلك الأهداف:

1- عدم تطبيق إتفاق الطائف الذي ينص على المحافظة دائرة إنتخابية بعد «إعادة النظر» في عدد المحافظات.

2- »توجيع« المسيحيين… كأن تُشكل دائرة من بشري والضنية وعكار… (فهل من يشك في النتيجة المحسومة سلفاً).

3- توزيع «المغانم» النيابية على الأصدقاء والحلفاء مقابل «خدمات» تراوح بين ما يقال وما لا يقال… وكلها بالأثمان الباهظة جداً سواء ما كان منها بالأصفر الرنّان وبالأخضر الريّان (…).

وكي لا نظلم الأوصياء (ونحن أصلاً نحمّل المسؤولية في تمادي وتماهي دور الوصاية الى المجتمع الدولي المنافق عديم الإحساس والى من في الداخل ايضاً…) نقول اننا كي لا نظلم الأوصياء نود أن نذكّر بما سبق أن أوردناه في عجالة سابقة حول تلاعب الحكام في الدوائر الإنتخابية فيقصقصونها وفق المشيئة.

في هذا السياق نذكر أنّ الرئيس الكبير المرحوم كميل شمعون يوم قرّر، في الخمسينات إسقاط المرحوم كمال جنبلاط وسواه من أركان المعارضة في الإنتخابات لم يلجأ الى التزوير أو الى حجب أوراق عن الصندوقة أو إضافة أوراق اليها… إنما قسّم الدائرة الإنتخابية وفق مزاجه السياسي طبعاً… فعمد في الشوف، على سبيل المثال الى نزع إقليم الخروب من دائرة هذا القضاء، فبات كمال جنبلاط راسباً حكماً. لماذا؟ لأنّ أكثرية الشوف (الجبل، من دون الإقليم) هي مسيحية ودرزية. وكان المسيحيون يوالون الرئيس شمعون في معظمهم، كما كانت  له حصة في دروز الشوف لا بأس بها… وبالتالي كان فصل إقليم الخروب عن الشوف سيؤدي، دون أي تردد، الى رسوب كمال جنبلاط… وهذا حصل فعلاً.

وبعد… أمّا نحن فمن انصار الدائرة الصغرى، بل الأصغر: أي الدائرة الفردية، أقله حيث يتساوى الناخبون على جميع الأراضي اللبنانية فلا يعود ناخب يقترع لمرشحين اثنين (صيدا – البترون- بشري …) وناخب آخر يقترع لـ 8 و 12 مرشحاً كما في (بعلبك – الهرمل وزحلة وسواها…).