IMLebanon

انتخابات بقانون 2008 او الفراغ

شأن مفاضلتي 2013 و2014 تقترب منهما انتخابات 2017. لا احد يريد قانون 2008، ولا احد يتوقع آخر بديلاً. لا احد يريد تمديد ولاية البرلمان للمرة الثالثة، ولا احد لا يريد الانتخابات النيابية. مآل ذلك انها واقعة بالقانون النافذ المرذول في الظاهر

بين من شاركوا في تسوية الدوحة عام 2008 يروي ان الزعماء الحاضرين تفاهموا على ان قانون الانتخاب المنبثق من التسوية تلك، هو لانتخابات 2009 فحسب. وهو تالياً استثنائي لمرة واحدة، ينطوي بانتهائها. لم يُدرجوا الصفة الاستثنائية هذه في متنه على غرار قوانين انتخاب سابقة كقانوني 1992 و1996 حينما أُدخِل الاستثناء فيهما، جزئياً، لتبرير الابقاء على اقضية جبل لبنان دوائر انتخابية دون سواها بذرائع الهواجس والمخاوف.

فإذا الاستثناء في هذين القانونين شكل قاعدة صلبة للقانون الذي خلفهما بعد اكثر من عقد من الزمن. وهو القانون نفسه الذي رُجّح لانتخابات 2005 عشية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

نُظر الى قانون 2008 على غرار ما عنته سائر بنود تسوية الدوحة آنذاك، المرتبطة ايضاً بانتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة وتوزّع الحصص والنصاب فيها: اجراءات موقتة تمهد في ما بعد لاجراء الانتخابات النيابية العامة السنة التالية ونشوء موازين قوى جديدة، لتسوية سياسية اشمل. سرعان ما انقلب عليه واضعوه، مسيحيين ومسلمين. بات الموقت والانتقالي دائماً ومصدر اطمئنان لاكثر من فريق من بين واضعيه. يبدأون من الشوف مروراً ببيروت وصولاً الى زغرتا مارين بالاطراف.

في واحدة من عناصر الاستثناء في قانون الدوحة، من شأنها اطاحة اجراء الانتخابات النيابية برمتها، ان المادة 12 منه حددت شهرين من تاريخ صدوره مهلة تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات، ولم تلحظ في بند آخر المهلة الواجبة على نحو دائم لتأليفها. الا ان المادة 13 تشير الى استمرار ولاية هيئة الاشراف ستة اشهر بعد انتهاء الانتخابات النيابية. نشر القانون في 9 تشرين الاول 2008، فصار الى تأليف هيئة الاشراف في غضون الشهرين التاليين، على مسافة ستة اشهر من موعد الانتخابات النيابية التي اجريت في حزيران 2009. بذلك يحوط الغموض بالمدة القانونية الواجبة لتأليف هيئة الاشراف بمرسوم في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية. ليست مدة الاشهر الستة الفاصلة عن موعد دورات الاقتراع ملزمة لتأليفها، الا ان لا توقيت واضحاً حيال صدور مرسوم تأليفها في وقت اضحت هيئة الاشراف على الانتخابات جزءاً لا يتجزأ من قانونية الانتخابات نفسها، كما من بطلانها.

في كانون الثاني تدخل البلاد في دائرة الاشهر الستة السابقة لموعد اجراء الانتخابات النيابية التي يفترض انجازها قبل نهاية ولاية البرلمان الحالي في الساعة الصفر من 20 حزيران 2017، موعد بدء الولاية الجديدة. بذلك تكون حكومة الرئيس سعد الحريري، قبل ان تمثل امام مجلس النواب لنيل الثقة في الشهر الاول من السنة الجديدة، دخلت باكراً في سباق مع الوقت. بعد اربعة اشهر، ما بين نيسان وحزيران، تبدأ المهلة القانونية لاجراء الانتخابات، ما يجعلها فعلاً امام مشكلة جدية اجرائها في موعدها القانوني، لا مشكلة القانون النافذ الذي ستجرى على اساسه، خصوصاً وان من المفترض ــــ نظرياً على الاقل وهذا ما لم يثبّته النص ــــ ان يصير الى تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات قبل ثلاثة اشهر من صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، الذي يفترض صدوره هو الآخر قبل مدة مماثلة هي 90 يوماً من موعد الدورة الاولى للاقتراع. ما يعني ايضاً ان شباط وآذار هما الشهران المرجحان لصدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.

على نحو كهذا تختلط المهل بعضها ببعض لتضع الانتخابات النيابية امام مصير ملتبس ومشوّش.

في بعض احاديثه امام زواره، يرى رئيس مجلس النواب نبيه بري ان ثمة مبرراً لتمديد تقني محدود للمجلس لا تتعدى ثلاثة اشهر متى اتفق على قانون جديد للانتخاب، على ان يُدرج التمديد التقني القصير في صلبه كي يكون جزءاً لا ينفصل عنه، وشرطاً لاجراء الانتخابات وفق القانون الجديد، وتالياً التقيد بالمهلة الجديدة الناجمة عن وضع القانون الجديد. بيد انه يجزم، مرة تلو اخرى، بأن لا تمديد للمجلس على غرار ما حصل عامي 2013 و2014 كهدف في ذاته، تارة بسبب رفض قانون 2008، وطوراً من جراء تعذر التوصل الى قانون جديد.

لكن جزمه برفض تمديد الولاية لا يوصد الابواب دون قانون 2008. ما يلمح اليه بري انه لا يتوقع بالضرورة في مدى قريب قانوناً جديداً للانتخاب، رغم تأكيد تفاهمه مع رئيس الجمهورية ميشال عون على رزمة من الصيغ المقترحة لقانون الانتخاب سواء بنسبية كاملة او نصف نسبية، ورغم وجود اكثر من تحرك في ما بين الكتل يوحي بجديتها للتفاهم على قانون جديد.

بيد ان اصغاء رئيس المجلس الى الموقف الاخير للنائب وليد جنبلاط الرافض الخوض في النسبية لقانون الانتخاب، يجعله يتحدث مجدداً عن «هواجس» الزعيم الدرزي. يقول رئيس المجلس ان من الواجب طمأنته اليها، خصوصاً ان مقاربة جنبلاط لقانون الانتخاب، كما لنتائج الانتخابات التي تترتب عليها، بحسب بري، «وجودية» خلافاً لرئيس الحكومة سعد الحريري وافرقاء آخرين يتمسكون بقانون 2008 من باب الحصة التي يمنحهم اياها: «على اهمية ما حصل اخيراً من انتخاب رئيس للجمهورية الى تأليف حكومة جديدة، يبقى الاهم في كل ذلك كمصدر حقيقي للاستقرار هو قانون الانتخاب اولاً واخيراً. وحده قانون الانتخاب ــــ وهذه مسألة اساسية ــــ يطمئن النفوس».

هي اذن الوصفة التي تشير بالاصبع، الى الآن على الاقل، الى قانون 2008 فحسب. برّاد الهواجس اولاً والقانون النافذ ثانياً.

المفاضلة الثالثة بعد عامي 2013 و2014: انتخابات بقانون 2008 او الفراغ.