IMLebanon

التعديلات الإنتخابيّة…

 

لم يصدّق اللبنانيون انه بات لديهم قانون انتخابات جديد وان الانتخابات النيابية ستجري على أساسه هذا العام، فقانون الانتخابات قطع مساراً طويلاً ومتعرجاً، واستوجب الامر حوارات ونقاشات ماراتونية وشاقة  قبل ان يبلغ ما بلغه.

صحيح ان هذا القانون ليس القانون الأمثل ولكنه بالتأكيد أفضل من كل القوانين السابقة التي ابتدعت بعد الطائف وأفضل من قانون الـ 60 السيء الذكر الذي كرس المحادل الانتخابية والغى الخصوصيات وفرص التمثيل الصحيح والمتوازن.

الانتخابات هذا العام ينتظرها اللبنانيون كونها تجري بعد تسع سنوات مرت على آخرانتخابات جرت في العام 2009،  وكونها تجربة يأمل الناس ان تعطي املاً جديداً وتطلعاً نحو مستقبل أفضل.

من هنا نرى الناس متمسكون بهذه الانتخابات ويرفضون أي احتمال بتأجيلها وهم حسّاسون جداً إزاء أي توجه من هذا القبيل ولذلك كان من الطبيعي ان يظهروا علامات القلق والتوجس بعدما عاد الحديث عن مناكفات وتجاذبات وتعديلات مقترحة على قانون الانتخاب، اذ استشعروا خطراً محتملاً على الانتخابات، واشتموا رائحة تأجيل ممكن في حال فُتح ملف تعديل قانون الانتخاب من جديد.

نقولها بكل صراحة ان يفتح الآن ملف الإصلاحات ومعها يفتح باب ادخال تعديلات على القانون الجديد مع ما يعنينه ذلك من إعادة فتح باب النقاشات والخلافات والانقسامات، فإن ذلك يدعو حقاً الى التعجب والقلق بحيث تكون الانتخابات في خطر وتصبح «في مهب الريح».

من هنا نحذر ونقول :

اولاً: ليس هذا التوقيت المناسب لفتح ملف الإصلاحات الانتخابية فمن جهة، موعد الانتخابات اقترب كثيراً والعد العكسي بدأ فعلاً مع بداية العام والمهل كلها سقطت وبالكاد في المهلة المتبقية تستكمل وزارة الداخلية تحضيراتها الإدارية واللوجستية وبالكاد تستكمل الأحزاب والقوى والشخصيات الناشطة في مجال الانتخابات والمعنية بها تحالفات وترشيحات ولوائح، بالكاد تستكمل انجاز هذه الورشة الكبيرة والدقيقة وقد دخلت في سباق مع الوقت.

ثانيًا: ليس هذا الظرف السياسي المناسب لفتح ملف قانون الانتخاب مجددا في ظل توتر سياسي و«اشتباك» بين الرئاسة الاولى والثانية وفي ظل تشنج مذهبي وطائفي، فأي نقاش في قانون الانتخابات سيتطور في ظل تضارب المصالح والمواقف الى انقسامات واشتباكات سياسية، وأي تعديل سيُطرح من هذا الجانب سيقابله تعديل مضاد من الجانب الاخر، وسيكون من الصعب اقفال هذا الباب إذا فُتح، ما يضع الانتخابات امام خطر وتهديد جدّي.

وما يزيد في دقة الموقف ان القانـون الجـديد الذي جاءت ولادته قيصرية لا يخلو من ثغرات وقطب مخفية ومن الغام معدة للتفجير والاطاحة بالقانون والانتخابات ومنها لغم البطاقة الممغنطة التي وردت في القانون ولم تتمكن الحكومة من تنفيذها، وصار لزاماً شطبها من نص القانون قبل اجـراء الانتخابات تلافياً لأي طعن في العـملية الانتخابية لاحقاً بسـبب عـدم التـقيد بالقانون وتنفيذ احكامه حرفيآ، لكن من يضمن إذا فتح باب التعديل في هذه المسألة تحديداً، ان لا يتشعب البحث وان لا تعلو أصوات ومطالبات بتعديلات أخـرى مـنها الغاء الصوت التفضيلي أو إضافة صـوت تفضيلي ثانٍ، وهنا لا بد من التذكير باننا كنا اول من حذر من البطاقة الممغنطة فور صدور القانون واعتبرناه لغم لتعطيل الانتخابات لان الوقت لم يكن كافيآ لانجاز هذه البطاقة.

لا يجوز بحجة الإصلاحات والتعديلات ان تصبح الانتخابات في خطر، فالإصلاحات تنتظر ويمكن ان تؤجل، اما الانتخابات فإنها لا تنتظر ولا يمكن ان تؤجل.

الأولوية الآن ليست للإصلاحات التي تطرح في وقت متأخر وانما للانتخابات التي اقترب موعدها ويتحيّنها الشعب، الأولوية للانتخابات ولإجرائها في موعدها على أساس القانون الجديد حتى لو انطوى على ثغرات ونقص في بعض الإصلاحات التي يلزمها وقت كي تُوضع في أجواء سياسية هادئة وفي سياق خطة هادفة وطموحة.

وفي الختام اتوجه اولا الى الناس بالقول: – انتم مدعوون الى ان تتعاملوا مع الانتخابات بطريقة واعية ومسؤولة تترجم تطلعاتكم وخياراتكم، فإذا كنتم فعلآ تريدون التغيير نحو الأفضل وتشكون وتتذمرون من الواقع السيء والمزمن، فان ذلك لا يكون بإعادة انتخاب الأشخاص والوجوه ذاتها وإعادة إنتاج السلطة كما هي، وإنما ذلك يكون باختيار وانتخاب من هم اهل للثقة ومن يعطون الامل بالتغيير ويفتحون آفاقاً مستقبلية جديدة…

فلا يكفي ان تكثروا من «النق» والشكوى والتذمر على مواقع التواصل الاجتماعي وفي  الصالونات، وعندما تدق ساعة الحقيقة وتـتاح لكم فرصة المحاسبة والمساءلة تتلكأون وتحجمون او تبيعون ضمائركم واصواتكم مقابل حفنة من المال لا تكفيكم شهرآ واحدآ.

– اما الى الطبقة السياسية والحكومة اقول: اللبنانيون يريدون الانتخابات في موعدها ولا يقبلون التمديد تحت أي ظرف ولأي سبب كان، الانتخابات استحقاق ديمقراطي دقت ساعته وحان اوانه وحان قطاف ثماره…