IMLebanon

حلم اردوغان  كابوس تركيا والمنطقة ؟

كما في الحملة الانتخابية كذلك بعد ظهور النتائج: الأضواء مسلطة على رئيس الجمهورية الذي يفرض الدستور أن يكون على الحياد، لا على من هو رسمياً في منصب رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية. فمن يمسك بالخيوط في لعبة السلطة هو رجب طيب اردوغان، لا أحمد داود أوغلو الذي يلعب في ظله. ومن تدور الصراعات السياسية مع شخصه وحول سياساته الداخلية والخارجية هو اردوغان. خسارة حزب العدالة والتنمية الأكثرية في انتخابات السابع من حزيران كانت رسالة عقابية الى رئيس قاده جنون العظمة الى أخطاء خطيرة. وهندسة داود اوغلو للعقبات امام اية حكومة ائتلافية كانت قرار اردوغان الرافض لأية مشاركة. والذهاب الى انتخابات الأول من تشرين الثاني كان مغامرة اردوغانية. وهي مغامرة نجحت بأكثر مما توقع اردوغان وما حملته استطلاعات الرأي.

واذا كان الانطباع السائد لدى المحللين ان الرغبة في الاستقرار هي العامل المهم وراء التغيير في مزاج الناخبين، فان زعزعة الاستقرار بعد خسارة الأكثرية لم تكن سوى ورقة سعى حزب العدالة والتنمية لتوظيفها. فما راهن عليه اردوغان هو الهواجس الأمنية لدى المواطنين. وما كان اكبر رأسمال للحملة الانتخابية هو معاودة الصراع العنفي مع حزب العمال الكردستاني بعد عامين من الهدنة والتفاوض على الاصلاحات، وبالتالي لعب الورقة القومية، وسط عمليات ارهابية خطيرة جرى تبادل الاتهامات حول من يقف وراءها.

والسؤال هو: ما الذي يفعله أردوغان بهذا النصر؟ والجواب يبدأ من فشل رهانه على أمرين مترابطين في ذهنه: أولهما تغيير الدستور للانتقال من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي بما يمكنه من ان يلعب دور أتاتورك اسلامي يلغي تراث أتاتورك العلماني. وثانيهما تركيز زعامة تركيا على ما سماه داود أوغلو العالم الاسلامي الجديد عبر الرهان مع الرئيس باراك أوباما على ركوب الإخوان المسلمين موجات الربيع العربي، وبالتالي ان يستعيد أردوغان الخلافة من دون تسمية والسلطنة من دون لقب السلطان. وهذا ما حال دونه سقوط حكم الإخوان المسلمين السريع في مصر، ولجوء حركة النهضة في تونس الى العقلانية والتفاهم مع القوى العلمانية، وفشل الإخوان المسلمين في السيطرة على سوريا.

والباقي أمام أردوغان هو الخيار بين تعلم الدروس واللجوء الى الواقعية وبين الذهاب الى النهاية في التفرّد وجموح السلطة. وما يراه كثيرون هو ان الرجل سيكمل الطريق الذي بدأه: يوظف الديمقراطية لممارسة حكم أوتوقراطي يضيق بحرية الرأي والاعلام ويسخّر القضاء للتنكيل بخصومه وتغطية فضائح أنصاره.

وليس خارج المألوف في الشرق ان يكون حلم الحاكم كابوس البلد والمنطقة.