IMLebanon

اليمين المتطرف قنبلة العالم الموقوتة

 

تنامي تيار اليمين المتطرف في الغرب وأوروبا خاصة، سيعيدها إلى العصور المظلمة، إذا لم تتدارك نفسها، فاليمين المتطرف لا يختلف عن «داعش» وإخوته.

إننا نرى عجباً في شرق أوروبا وغربها، فالناخبون أصبحوا يصوتون لصالح أحزاب يمينية متطرفة وحركات شعبوية، ما ينبئ بكارثة وشيكة حتى على أوروبا نفسها قبل غيرها، فاليمين المتطرف هو الوجه الآخر لـ«داعش»، وبالتالي لن يقبل بتعدد الآراء ولا المعتقد ولا الحريات، وهو أشبه بالراديكالية التي تؤمن بها «داعش» و«القاعدة» بل وأشد، وعندها سينتهي سقف الحريات وينهار على رؤوس الأوروبيين في حال تمكن اليمين المتطرف من الحكم بشكل مطلق، وهو ما يسعى إليه، وما سفاح نيوزيلندا أو النرويج أو الأقصى إلا مجرد بيادق شطرنج تحركهم قوى الظلام في مرابط اليمين المتطرف، للدفع بالصراع بين الحضارات، ومن بين هؤلاء المتاجرين والمستثمرين في تيار اليمين المتطرف ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يعتبر من أبرز قادة اليمين الشعبوي الأميركي.

اليمين المتطرف هو من كان وراء سفاح نيوزيلندا كنموذج للعنف، وصنّف نظيره منفذ هجوم مسجد فينزبيري بارك، دران أوزبورن، بأنه من «الشخصيات المؤثرة والقوية»، واستشهد في بيانه الطويل بأحداث ومعارك كثيرة عبر التاريخ، ما يؤكد أن البيان كتب له ولم يكتبه هو، نظراً لتدني مستواه التعليمي، الذي لا يؤهله لكتابة التواريخ والأحداث واستنباطها، وقد تلاعب فيها بين المكذوب والمغلوط والمزور من التاريخ، من حصار عكا 1189، ومعارك الدولة العثمانية في فيينا 1863 إلى معركة شيبكا 1877، في محاولة منه، وممن كتب له البيان، تقديم تفسير دموي للتاريخ.

سفاح نيوزيلندا الذي قال إنه يتمنى لو قتل عدداً أكبر من «الغزاة» كان يؤمن بما يسميه تفوق «العرق الأبيض»، إذ قال في «بيان الكراهية» الذي نشره على الإنترنت: «إنهم سيأتون إلى إسطنبول ليهدموا المساجد والمآذن». وأشاد في بيانه الذي نشره على الإنترنت بالرئيس الأميركي ترمب، ووصفه بأنه «رمز لإحياء الهوية البيضاء»، رغم رفض البيت الأبيض الإشادة. هذا الصنيع يعيد لنا السؤال القديم المتجدد حتى ولو كان سؤالاً عنصرياً: من هم البيض؟ فهناك من العرب من هو أشد بياضاً من الإفرنج، لو أردنا أن نذهب هذا المذهب الساذج والسخيف!

الإعلام الغربي، الذي لديه سوابق منذ تفجيرات أوكلاهوما في أميركا بالتسرع بربط العمليات الإرهابية بالإسلام والمسلمين، وقف عن وصف سفاح نيوزيلندا بالإرهابي كتوصيف حقيقي له، كان من بين العوامل التي أظهرت أن هناك في بلدان الغرب من لا يزال يعيش بعقلية مزدوجة، ولديه حالة فصام وازدواجية معايير تجاه توصيف عمل إرهابي مرتكبه رجل أبيض من غير المسلمين، في ظل خطاب الكراهية وتعليقات مستفزة من البعض تشيد بالقاتل وتصفه «ببطل يستحق التكريم، والموتى كانوا جبناء» في وقاحة منقطعة النظير، تظهر حجم الشحن والتهييج من قبل اليمين المتطرف.

تمدد اليمين المتطرف في أوروبا واستغلاله العملية الديمقراطية، مثل اليمين الشعبوي المتمثل بحزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي يشكل القوة البرلمانية الثالثة، وتصدر حزب «رابطة الشمال» اليميني المتطرف في إيطاليا، والحزب الوطني البريطاني «بريتيش ناشيونال بارتي»، وحزب «الجبهة الوطنية» لماري لوبان، سيكون بمثابة قنبلة موقوتة تحتضنها أوروبا، بل وتتستر عليها ولا تستشعر خطرها، خصوصاً في ظل تحذيرات أطلقها كبار رجال الأمن في أوروبا، ومنهم مارك رولى مساعد قائد شرطة لندن الذي قال إن «التهديد الإرهابي اليميني أكثر أهمية وتحدياً مما قد يظنه الرأي العام».

ولذلك على أوروبا معالجة ظاهرة اليمين المتطرف وليس فقط مجرد عقد محاكمة صورية لسفاح نيوزيلندا، دون شركاه الحقيقيين وهم اليمين المتطرف.