IMLebanon

«القلق المصيري»: لقاءان … وأربعاء واحد

 

تشهد الساحة السياسية، غداً الأربعاء لقاءين أحدهما بات تقليداً والثاني استثنائي اقتضته ظروف المرحلة ومستجداتها.

 

لقاء الأربعاء التقليدي هو الذي يجمع نواباً يمثلون مختلف الكتل النيابية، يتحلقون حول الرئيس نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية، عين التينة، يتم خلاله عرض لمختلف التطورات وينتهي بتصريح عن مواقف رئيس المجلس النيابي ينقلها بعض نواب كتلة أمل.

 

هذا اللقاء ينتـظر أن ينقص اليوم نائباً أو اثنين، وليس النقصان قراراً سياسياً، انما بداعي اللقاء الثاني الذي سيعقد في بكركي، وقد وجه الصرح البطريركي الدعوة الى القيادات والزعامات الحزبية والوزراء والنواب الموارنة بمن فيهم من كان يحضر  اللقاء الأول. وهذا هو السبب الوحيد  ليغيب من سيتغيب عن عين التينة ممن سيشاركون في لقاء بكركي.

 

ولقاء بكركي يعقد في لحظة مصيرية بالغة الدقة زادتها دقة وصعوبة وتعقيداً الأحداث  «الجسيمة» التي شهدتها الساحة الداخلية في الأيام الاخيرة وما رافقها من تحدٍ ترجم على الأرض تحركات كانت مدار اهتمام خارجي ربما أكثر من الاهتمام الداخلي. بدليل ما حفلت به نشرات أخبار سائر وسائط الإعلام العربية والاقليمية والدولية، أُرفقت بتعليقات لم تصب في مصلحة لبنان بأقل تقدير. وهذا شأن آخر ليس المجال سانحاً للخوض فيه الآن.

 

أمام لقاء بكركي عنوان كبير تتفرع منه عناوين عديدة ذات أهمية: ما هو دور الموارنة في لبنان؟

 

واستطراداً: هل لا يزال هذا الدور حاجة وطنية؟ ومن المسؤول عن سقوط الدور منذ اتفاق الطائف حتى اليوم. وأساساً هل لا يزال ثمة دور ماروني كي يدور الحوار حوله؟! واذا كان هذا الدور ضرورة هل من سبيل لاستعادته (من ضمن التحولات الدستورية والديموغرافية وليس خروجاً عليها).

 

ولا يخفى على أي متابع أنّ التطورات والمستجدات وأبرزها عرقلة تشكيل الحكومة ومحاولة عرقلة عقد القمة العربية التنموية (…) أوجدت مزيداً من «القلق المصيري» لدى القيادات المارونية الروحية والزمنية ليس فقط على الطائفة إنما أيضاً على لبنان الذي ما كان ليكون وطناً فريداً لولا الموارنة (وطبعاً سائر الأطياف أيضاً، إنما بنسبٍ مختلفة).

 

والسؤال الذي يجول في أذهان «المتشاورين» غداً في بكركي هو: لماذا عندما يواجه أي طرف شيعي مسألة جدية يناصره «أخوه» الشيعي الآخر؟ أليست هذه حال حركة أمل وحزب الله؟! ثم لماذا عندما يواجه رئيس الحكومة مسألة جدية يلتف حوله رؤساء الحكومة السابقون رغم ما بينه وبعضهم من خلافات حادة؟! وفي المقابل لماذا عندما يواجه رئيس الجمهورية مسألة «جدية جداً» تعقد ألسنة الأطراف القيادية الأخرى حتى «الخرسنة»؟!

 

وقد لا نغالي إذا زعمنا أنّ لدى الذين سيشاركون غداً في لقاء بكركي التشاوري أفكاراً تذهب بعيداً جداً، نأذن لنفسنا أن نختصرها بالآتي كما استمعنا إليها من حاملها: إذا كان (الآخر) لا يريدنا، ولا يريد لنا دوراً، فلنبحث عن دور وجودي «مختلف»!

 

ويخطئ من يظن بإمكان التوصل الى توافق تام في بكركي على أمور تفصيلية، وربما على المبدأ أيضاً.

 

والمسعى الأبوي الصادق الذي يقوده صاحب النيافة والغبطة الكاردينال البطريرك الراعي ينطلق من محاولة تدوير الزوايا والحث على حراك  (في إطار الشراكة الوطنية، وغبطته يسميها الشركة) لتدارك الأسوأ… لأن البطريرك يخشى على المصير إذا لم يعِ القوم (أو بعضهم) خطورة المرحلة ودقتها.