IMLebanon

خافوا.. نبيه برّي قَلِق

 

إذا كان الرئيس نبيه برّي بحسب ما نُقِلَ عن زوّاره بالأمس دعوته إلى «وضع خطة أو برنامج وطني لمواجهة ما هو قادم من طروحات وإغراءات مالية أو مذهبية أو حتى شخصية» في مواجهة «سياسة التفقير والتجويع القائمة في العديد من هذه الدول، ومن بينها لبنان، هي غير بريئة ولا يمكن فصلها عمّا يعدّ للمنطقة من مشاريع حروب مستقبليّة»، على اللبنانيّين أن يخافوا كثيراً ليس من قَلق الرئيس نبيه برّي لأنّه بمثابة أعلى جرس إنذار يُقرع في البلاد في مواجهة «صفقة القرن»، علينا أن نخاف لأنّنا أمام حكومة لا تملك برنامجاً ولا خطّة إنقاذ إقتصاديّة، ومع ذلك تجد الوقت للتراشق والتّساجل و»التّرادح» بين فرقائها من أجل «حصّة ما»!

 

ويجب أن يخاف اللبنانيّون لأنّ دعوة الرئيس برّي إلى «التعالي عن الخلافات الداخلية حول قضايا ليست ذات أهمية معتبراً أن الآتي أعظم ممّا شهدناه حتى اليوم» لأنّهم يعرفون حقّ المعرفة أنّ التعالي عن المناكفات الداخليّة لن يلقى آذاناً صاغية عند المتناكفين، فهذه طبقة سياسيّة غضب الله عليها، وعلامة غضبه.

 

ما جاء في الحديث النبويّ الشريف «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ شَرًّا أَلْزَمَهُمُ الْجَدَلَ وَمَنَعَهُمُ الْعَمَلَ» [حديث مقطوع، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البرّ، رقم الحديث: 1074 «بَابُ مَا تُكْرَهُ فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ وَالْجِدَال»].

 

الرئيس نبيه برّي محقّ بالتّأكيد فـ»الآتي أعظم» لأنّنا كيفما التفت اللبنانيّون يجدون أنّ «التّافهين» قد غلبوا على المشهد السياسي اللبناني وتسيّدوه إلى حدّ يئس فيه اللبنانيّين منهم ﴿كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الممتحنة:13]، فالأزمات تتفاقم وتزداد وستزداد، ونظرة على المعلومات التي تمّ تداولها بالأمس عن أنّ صندوق النقد يوصي برفع الـ TVA وفرض ضريبة على المشتقات النفطية» وإن كان هذا الكلام اقتضى إضافة أنّ هذه الزّيادة ستكون في «مقابل التعويض بإنفاق إجتماعي أكبر»، وليس هناك مواطن لبناني واحد يقبل أن يُصدّق أنّ هناك أي تقديمات أو إنفاق إجماعي لا كبير ولا صغير، فهذه خدعة كبرى لن تنطلي على اللبنانيّين!

 

وعلينا أيضاً أن نخاف كثيراً من قَلِق الرئيس نبيه برّي من رياح العاصفة المقبلة على المنطقة، وهي من دون أدنى شكّ أكثر بكثير من عاصفة، نحن أمام إعصارٍ عاتٍ سيقتلع أمن وأمان كلّ دولة ترفع الصوت رافضة الرّضوخ والقبول بـ»صفقة القرن» مهما علا صراخ هذه الدّول بما فيه صراخ الفلسطينيّين أنفسهم وهم أصحاب الشأن، علينا أن نخاف لأنّنا لسنا متضامنين ولا متسلّحين بوحدتنا في مواجهة صفقة القرن، علينا أن نخاف لأنّ هناك من يوقظ الغرائز الطائفيّة ويدّعي أنّه يستعيد حقوق المسيحيّين من أجل مكاسب ومصالح شخصيّة بحتة، مع أنّ المسيحيّين في لبنان «آخدين حقّهم وعشر حبّات مسك فوقه»، هناك من يستثمر في هذه الغرائز ومن حيث يدري أو لا يدري يوقظ «غرائز تشغيل العدّ» عند الطوائف الكبرى، وهذا التحريض دخل منزلقاً خطيراً قد يكون أرضاً خصبة تستثمر فيها مؤامرات التوطين والفتن وحروب المنطقة المتنقّلة!

 

إنّ أخطر ما نقله «الزوّار» بالأمس عن الرئيس نبيه برّي

 

هو «ضرورة الإنتباه والتركيز أكثر على ما يجري على هامش المؤتمرات الإقليمية والدولية والحركات المكوكية للموفدين الاميركيين وسواهم، وما يطرح من عناوين بدءاً من «مشروع الدولتين والأرض مقابل السلام» و»الامن أو السلام» وعلى الجميع أن يضع عشرة خطوط حمراء تحت هذه المعادلة «الأمن أو السّلام»، مع الإشارة إلى أنّه في الزّمن اللبناني البائس والرديء الذي يفتقد فيه اللبنانيّون مسؤولين على مستوى من «الإنتباه والتركيز»!!

 

ميرڤت سيوفي