IMLebanon

ملامح اتفاق أميركي – روسي – خليجي؟

ما يمكن استنتاجه من آخر زيارة للخليج قام بها وزيرا خارجية اميركا وروسيا هو أن الأولى قرّرت التخلي عن مقاربتها المحدودة التي شدّدت على أن الأولوية هي لمحاربة “داعش” والقضاء عليه. وقرّرت أيضاً تبنّي سياسة أوسع تقضي بجمع الجهات المعنية بالتخلص من التنظيم المذكور ومساعدتها لمواجهته، وبتغيير ميزان القوى على الأرض في سوريا. ومن شأن ذلك الدفع في اتجاه الحل السياسي لأزمتها وحربها الأهلية – المذهبية. هذا ما يقوله ناشطون جديون في مركز ابحاث عربي (كلياً أو جزئياً)، ويضيفون أن تركيا وانطلاقاً من ذلك ستزوّد المعارضة السورية بالأسلحة التي تحتاج إليها، لكنها ستعمل لإعادة هيكلة الانتفاضة في شمال سوريا. إذ أنها أُعطيت مفاتيحه باتفاق هدفه إضعاف “داعش” والرئيس بشار الأسد في وقت واحد. كما نالت في مقابل ذلك ضمانات بمنع حلفاء “حزب العمال الكردستاني” التركي أكراد سوريا من السيطرة على مناطق لم تكن تاريخياً لهم. ويبدو أن قاعدة الاتفاق التركي – الأميركي المذكور قامت على هدفين تناقضا في السابق هما التخلص من “داعش” أولاً أو من الأسد أولاً. إذ صارا واحداً يتم العمل لتحقيقه تدريجاً.

في اختصار، يلفت الناشطون الباحثون أنفسهم، يكمن جوهر التغيير في ما يتعلّق بالوضع السوري في نقطتين مهمتين. الأولى هي أن العرب وافقوا على قبول حلٍّ أقل من حل الحد الأقصى الذي تمسّكوا به. ويعني ذلك أن الموالين للأسد و”حزب الله” وإيران لن يتم إخضاعهم بالقوة لحكم الغالبية (السنية) في دمشق. كما أنهم سينالون حصة مناسبة في الحكومة المركزية. أما النقطة الثانية فهي أن الأفكار المذكورة لن تُنجز إذا لم ترسم لها خريطة طريق، وإذا لم تُبذل جهود جماعية لإقناع الأسد وإيران بالإشتراك فيها. والإقناع لا ينجح من دون تغيير ميزان القوى على الأرض لمصلحة أعداء الأسد. علماً أنه قد بدأ فعلاً. ويشيرون إلى أن أميركا عادت إلى موقف أوّلي لها هو أنه لا يمكن فرض الحل السياسي على الأسد قبل التغيير المشار إليه. لكنها أعادت تزخيمه بعدما أنجزت اتفاقاً نووياً مع إيران تعتقد أنه يسمح لها ببذل جهود كبيرة مع جهات دولية واقليمية أخرى لجلب الرئيس السوري إلى طاولة المفاوضات، وللبحث في موضوع له أولوية هو مستقبل سوريا من دونه والجماعة المحيطة به.

ماذا عن إيران الإسلامية وأفكار الخطة – الاتفاق المفصّلة أعلاه؟

يظنّ البعض في واشنطن وخارجها، بحسب الناشطين انفسهم أن طهران أدركت أنها تواجه حالياً طريقاً مسدودة استراتيجياً في سوريا وأنها تناقش اتفاقاً ما جوهره تنظيم انتقال للسلطة في سوريا يتماشى مع الاقتراحات الروسية. ويعني ذلك ترتيب رحيل الأسد عن الحكم وتوحيد القتال ضد “داعش” والمحافظة على حقوق العلويين في مناطقهم. وليس في الأفق ما يشير إلى أنها وصلت الآن إلى قرار نهائي حيال ذلك

ماذا جرى في محادثات الدوحة عاصمة قطر، بين وزراء خارجية أميركا وروسيا ودول “مجلس التعاون الخليجي”؟

تركزت المحادثات على أمور جوهرية أربعة هي الآتية:

1 – رفض سيناريو تقسيم سوريا لأنه لا يضمن أبداً إنهاء الحرب.

2 – تبني الشروط التي وضعها الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دو ميستورا وموسكو للمبادرة التي يفترض أن يتوصّل الحوار الذي هو جزء منها إلى تسوية للأزمة في سوريا.

3 – العمل لرسم حدود غير رسمية لمناطق النفوذ في سوريا (العلويون والأقليات والغالبية المنقسمة منظمات وفصائل).

4 – التفاوض المنفصل مع كل من العرب السنَّة والإيرانيين لتحديد الوضع النهائي لمناطق النفوذ المذكورة أعلاه مع ترك الباب مفتوحاً أمام مفاوضات مباشرة لاحقاً (تفاوض على شيء قريب من “طائف” لبنان).

5 – إجراء انتخابات عامة في سوريا مع تفاهم مُسبق على أن الأسد لن يترشَّح فيها، وأن الحكومة التي ستنبثق منها ستضمّ كل مكونات المجتمع السوري.

إلا أن اتفاقاً كهذا يحتاج إلى موافقة نهائية من طرفي الحرب السورية. وما جرى في الدوحة ربما يكون الخطوة الأولى في اتجاه مناقشات جدية للتفاصيل.

ما هو المفهوم الذي تعتمده روسيا لمعالجة الأزمة – الحرب في سوريا؟ وما هو الموقف التركي من هذا الموضوع؟