IMLebanon

مش ليبانبوست… DHL

 

ما إن يقترب شهر شباط، حتى تتنحنح أم زهير وتبدأ بإعداد التحضيرات: تصعد إلى المتخت كي “تنكش” علمها الأزرق، تتفحّص الشمسية تحسّباً لهطول الأمطار، تتصل بجارتينا أم صبحي وأم زياد لتنسيق انتقالهنّ من الطريق الجديدة إلى ساحة الشهداء، من أجل إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

 

لذكرى 14 شباط هذه السنة طعمٌ خاص. فالشيخ سعد مُقبل من بلاد الخليج بتعبئة كاملة، إذ يبدو أنّه يستعدّ جدّياً هذه المرة بخلاف المرات السابقة، لخوض غمار الانتخابات بعد تعليقِ عمله السياسي لدورة انتخابية كاملة.

 

لا شيء مؤكد حتى اللحظة، ما خلا بعض التسريبات والإيحاءات التي يتناقلها بعض “الأنصار” بأنّ العمل السياسي سيعود ليضجّ في بيت الوسط… وها نحن ننتظر مع المنتظرين لنسمع الشيخ سعد ماذا سيقول في ذكرى والده.

 

عدت إلى المنزل مساء يوم الأحد، فوجدت أم زهير تُمسك هاتفها الحذق (الذكي) وتُمحّص بشاشته. تقلّبها صعوداً ونزولاً على تطبيق “المغراد” الذي اصطلح مؤخراً على تسميته “إكس” بعد أن اشتراه الملياردير الأميركي إيلون ماسك.

 

أم زهير لا تفقه التغريد أو “الأكسسة” (من “إكس”)، لكن ثمّة من أخبرها أنّ الشيخ سعد الحبيب ابن الحبيب، وجّه تحية للشهداء وانحنى أمام العُزّل في الجنوب، وكذلك أمام إرادتهم “الصافية” بوجه الاحتلال.

 

قرأت أم زهير التغريدة وانتشت، فنسيت مَسيرات الدرّاجات النارية التي صَدَعَت رأسها من بعد الظهر، وتغافلت عن أزيز الطلقات النارية المقبلة من الضاحية الجنوبية احتفاءً بالتحرير الثالث (مدري الرابع أو الخامس… لا فرق).

ما إن دخلت عليها المنزل حتى بدأت بالتمتمة من باب الجكارة: “ع الوعد نكمّل دربك…”.

 

رأساً، فهمت أنها تُعدّ لمشكلٍ كبير “يقوم وما يقعد”. فبادلتها التحية بأحسن منها: “شو؟ قال راجع الشيخ سعد وناوي يترشح من جديد ع الانتخابات؟”

 

ردّت: “مش أكيد بعد… بس ما يكون مش عاجبك؟”.

 

قاطعتها قائلاً: “عاجبني أو مش عاجبني… شو بتفرق؟ الكلمة للناس، هي بتقرر… قولك بعد عندكم جمهور أم الزوز؟”.

 

استشاطت غيظاً على الفور وصرخت: “إن غداً لناظره قريب… نحنا مش متلكم بتجيبوا لاعبين أجانب”.

 

لم أفهم ماذا قصدت بتلك العبارة، لكنّني استدركت أنّها تغمز من قناة المعارضة بعد تسمية الرئيس المكلّف نواف سلام، المقبل من بلاد الفرنجة لتكليفه تشكيل حكومةٍ ولادتها ما زالت متعثرة حتى اللحظة، وتشوبها الكثير من الاعتراضات والتنازلات بما يشبه “الانبطاح”.

 

لا أخفيكم، فقد أفحمتني أم زهير بإجابتها (جوابها تحت باطها)، وفي الوقت نفسه، لم أفهم إن كانت تقصد الرئيس نواف سلام نفسه، أم الوزراء السنّة المفترضين الذين ينتقيهم القاضي الدولي From abroad. لكنني برغم جوابها القارص، حافظت على رباطة جأشي وقلت لها: “إيه يصحّلكم”.

تقهقهت هنيهةً، ثم قالت: “قال أنا مش ليبانبوست… صاحبك طلع DHL”.

 

سريعاً فضّيتها سيرة وغيّرت الحديث… ثم سألتها: “طيب شيلك من هالسيرة هلق، خبريني شو عاملة عشا؟”.

ضحكت مرة أخرى، وقالت: “طلوب دولوفوري… ما كلّو عندكم صاير دولوفوري”.