IMLebanon

الفيديرالية والكونفيديرالية  

 

 

يكثر الحديث، في لبنان، هذه الأيام عن الفيديرالية. ومن أسفٍ أن كثيرين من الذين يقولون بها لا يعرفون أبعادها ومعانيها الدستورية والوطنية. وفي بحثنا عنها في بعض الدساتير المعتمدة والمطبّقة، وفي ويكيبيديا، توصّلنا إلى ما نورد هنا لمحة سريعة عنه.

 

الاتحادية أو الفيديرالية أحد أشكال الحكم الذي تكون السلطات فيه مُقسّمة دستورياً بين حكومةٍ مركزية (فيديرالية أو اتحادية) ووحداتٍ حكومية أصغر (الأقاليم والولايات)، ويكون كِلا المستويين المذكورَين مُعتمداً أحدهما على الآخر ويتقاسمان السياديّ في الدولة.

 

أما الاتحاد الكونفيديرالي فهو رابطة من دولٍ أعضاء مستقّلة ذات سيادة وطنية كاملة. وتختلف طبيعة العلاقة بين الدول التي تشكّل هذا الاتحاد الكونفيديرالي اختلافاً كبيراً. على سبيل المثال، سويسرا كانت كونفيديرالية بين العامَين 1291 و1848، لتتحول إلى فيديرالية رغم الابقاء على اسمها (الكونفيديرالية السويسرية). مِثالٌ آخر: الجمهورية العربية المتّحدة كانت اتحاداً كونفيديرالياً بين مصر وسوريا (1958-1961)، وقد انتهى إلى الفشل.

 

وفي لبنان، فإن الفيديرالية مطبّقة بشكلٍ أو بآخر لأن الطائفية هي الأساس العملي وإن لم يكن الدستوري. هذه الطائفية تمنح كل طيفٍ، خصوصاً الأطياف الكبرى، نوعاً من الاستقلالية التي لا تصل إلى حد الكونفيديرالية، التي تعطي كل طرف استقلالاً وطنياً تاماً. ولكنها ديموغرافية وليست جغرافية إلا نادراً بسبب تواجد أبناء الأطياف كلها في كلٍ من الأجزاء الأخرى، وبالذات كما كان الوضع قبل الحرب المدمّرة التي انتهت في بعض المناطق بشبه نقاء طائفي وأحياناً نقاء مذهبي.

 

والفيديرالية ليست طرحاً جديداً هنا، فثمة دراسات جامعية وقانونية ودستورية وُضعت بالعشرات خلال الحرب وبعدها والبعض منها رُفِع إلى هيئة الامم المتحدة من قبل أفراد أو جماعات لا صفة رسمية لهم. إلى ذلك، فإن لبنان صغير الرقعة ولن تكون الفيديرالية متاحةً فيه، لهذا يذهبون إلى القول بـ»اللامركزية الإدارية الموسّعة» فتسوس كل منطقةٍ أوضاعها الإدارية، وإلى حدٍ ما المالية، وهي ترتبط بالحكومة المركزية في العاصمة الواحدة التي تتخذ القرارات الكبرى مثل قرارَي الحرب والسلم، والجيش الواحد وإلخ…

 

هذه لمحةٌ سريعةٌ جداً، وقد نعود إلى التفاصيل لاحقاً مع التأكيد على أننا نؤمن بوحدة هذا الوطن إيماناً عميقاً وراسخاً، ونرفض أي طرحٍ تقسيمي، ولكننا نؤيد بقوةٍ اللامركزية الموسّعة.