IMLebanon

محاربة الارهاب: عولمة وتقصير أمني وفكري

تعددت المجازر والجزار واحد. ولا فرق سواء كان اسمه تنظيم الدولة الاسلامية أو القاعدة والنصرة أو حسم أو أي اسم آخر. وتنوعت الأماكن والمستهدف واحد: أبرياء لا يعرفهم الارهابيون. مجزرة باطلاق النار على حافلات تقلّ عائلات قبطية على الطريق الى دير الأنبا صموئيل في صعيد مصر. مجزرة بعملية انتحارية في مانشستر أوقعت عشرات القتلى والجرحى بين روّاد حفلة موسيقية. ومجزرة لم تقع في وسائل النقل العام في موسكو لأن أجهزة الأمن الروسية كشفت الشبكة الارهابية. وكلها في توقيت متقارب. وأقل ما يرافق التذكير بآلاف العمليات الارهابية التي سبقتها هو التحذير من عمليات أخطر في المستقبل.

ذلك ان عولمة الحرب على الارهاب تكاد تكتمل. حلف الناتو ينضم الى التحالف الدولي الذي تقوده أميركا في محاربة داعش وبقية التنظيمات الارهابية. التحالف الاسلامي الذي تقوده السعودية يؤسس نواة ناتو اسلامي لمحاربة الارهاب. والتحالف الرباعي الذي تقوده روسيا يعلن بلسان وزير الدفاع سيرغي شويغو ان موسكو شنّت غارات على داعش والنصرة توازي أربعة أضعاف الغارات التي قام بها التحالف الدولي القائل ان معظم الغارات الروسية تركز على خصوم النظام وقليلها على داعش. لكن داعش لا يزال يستطيع أن يضرب في أي مكان، وان خسر أرضا في العراق وسوريا.

والحرب على الارهاب ليست لغزا. اللغز هو عجز كل هذه القوى عن القضاء على داعش.

فالارهاب وسيلة لتحقيق هدف يخدم ايديولوجيا. وهو أيضا وظيفة تخدم مصالح قوى متعددة ومتناقضة. فلا ارهاب يستمر من دون تمويل وتسليح على أيدي أنظمة ودول تدعي انها تحاربه. ولا قدرة لدى أي تنظيم ارهابي على تجنيد شبّان من المنطقة والعالم للانضمام اليه من دون ايديولوجيا جذّابة.

أليس ما يدفع شابا ولد وعاش وتعلم في مانشستر الى القيام بعملية انتحارية لقتل أطفال هو ايمانه بأن من واجبه القتل في سبيل الله؟ ما معنى أن يكون القتل باسم الله هو كل ما يقدمه الارهابيون؟ وما دلالة تصعيد العمليات الارهابية في رمضان شهر الصوم والتراحم؟ مهما يكن الجواب، فان ما يرافق الحرب على الارهاب هو نوعان من التقصير: تقصير أمني في العمليات الوقائية وحماية المواطنين. وتقصير فكري في مواجهة العامل الأساس في الارهاب، وهو التأويل الفقهي المتشدّد الذي يبرر الارهاب ويجعله واجبا.

أما الادانات والهرب من المواجهة الفكرية في العمق لجهة التجديد الحقيقي للخطاب الديني، فانها محدودة أو عديمة التأثير في حدّة المناخ الارهابي.