IMLebanon

لـ«درع وطنية» تواجه «درع الشمال» ومنصّات «أدرعي»

 

بات من المسلم به أن ثمة حرباً سياسية إعلامية بدأتها إسرائيل على لبنان متذرعة بما تسميه أو تزعمه «أنفاق حزب الله».. حرب يتناوب على تأدية الأدوار الرئيسية فيها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو والناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، إلى جانب أدوار ثانوية لمسؤولين آخرين في الكيان الصهيوني. استخدم الأول «منصات» الديبلوماسية الإسرائيلية ومحافل دولية التقى فيها مسؤولين في دول كبرى. شاكياً الأنفاق ومهدداً لبنان وحكومته. واستخدم الثاني «منصات» التواصل الاجتماعي و«اليوتيوب» تحت عنوان عملية «درع الشمال».

 

هي حرب افتراضية من جانب واحد اختار الكيان الصهيوني توقيتها، وربما أهدافها المعلنة، ومنها كما في كل مرة يلجأ فيها إلى مثل هذه الأساليب: تأليب الرأي العام الدولي على لبنان وتأليب اللبنانيين على حزب الله الذي يعرف العالم كله أن هناك خلافاً لبنانياً على سلاحه إذا استخدمه في الداخل أو في سوريا أو ضد أي بلد عربي. لكن العالم كله يُدرك أنه حين يتعلق الأمر بمواجهة أي عدوان إسرائيلي فإن جميع اللبنانيين ينظرون إلى حزب الله على أنه مقاومة، ومن الطبيعي أن يكونوا خلف وبجانب من يقاوم المعتدي على بلدهم.

 

لكن ثمة تساؤلات هي برسم «المتجهبذ» أفيخاي أدرعي: إذا سلمنا جدلاً أن حزب الله فعلاً قام بحفر ومدّ أنفاق عبر الحدود، وإذا اخذنا في الاعتبار أن إسرائيل، تلك الدولة القوية عسكرياً وأمنياً والتي تعتمد حتى في عمق «تل أبيب» على أجهزتها الاستخباراتية في رصد وتحديد وتقدير أي موقف ميداني أو أمني، فكيف بها على حدود مع بلد كسر هالة «الجيش الذي لا يقهر» وأخرجه مندحراً عن أراضيه عام 2000. وبالتالي، لا يمكن أن لا تكون قد لاحظت في فترات سابقة أن هناك أعمال حفر ومد أنفاق ولو تحت الأرض!.

 

وإذا أخذنا في الاعتبار أن شقّ ومدّ وإنجاز أي نفق بمواصفات «أدرعي» وفي ظروف أمنية كالتي تحكم الوضع على الحدود الجنوبية وبوجود قوات اليونيفيل لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها وربما استغرق أشهراً، فلماذا انتظرت إسرائيل حتى اليوم لتُعلن اكتشافها لهذا النفق؟ ولماذا استباق الإعلان الإسرائيلي رسمياً عن اكتشاف هذا النفق بالتهديد والوعيد بالويل والثبور وعظائم الأمور، ومحاولة استفزاز الجانب اللبناني أو استدراجه إلى مشكلة على الحدود؟ إذا لم يكن الهدف من وراء كل ذلك أساساً هو هدف إعلامي لتسليط الضوء على هذه المنطقة – أي الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة – ما يعني حجبه أو تحويله عن منطقة أخرى ربما هي في عمق إسرائيل بل في قلب الحكومة الإسرائيلية أو حتى داخل بيت نتنياهو نفسه؟.

 

لقد كشف اللبنانيون منذ سنوات اللعبة المشبوهة لـ«أفيخاي أدرعي» ومن وراءه ممن يحركون دمى الجيش الإسرائيلي وأدوات الاحتلال على وسائل التواصل الاجتماعي لبث سمومهم في المجتمع اللبناني. كشفوه منذ «نهامه» الأول (النهام صوت ذكر البومة) أي منذ التغريدة الأولى له، وقالوا له «ألعب غيرها» و«خيّط بغير مسلة» لأنك وكيانك عدو ولا يمكن أن تكونا إلا كذلك !.

 

وها هم اللبنانيون أنفسهم يسخرون من أدرعي وتغريداته وسيناريوات فيلمه الجديد «درع الشمال» التي يتولى شخصياً الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي!. ولا يجد أي مبالاة من اللبنانيين الذين كان يعوّل عليهم تلقي «صدمة» هذا الفيلم وتصديقه!. لكن لسان حالهم كان «لم يخفنا فيلم أدرعي ولا يعنينا بشيء»!.

 

لكن ربما الشيء الوحيد المفيد للبنان الذي قدمته عملية درع الشمال الإسرائيلية للبنانيين أنها أعادت تصويب البوصلة نحو العدو الثاني لهم أي إسرائيل، لأن عدوهم الأول هو انقسامهم وتفرقهم الذي إذا انزلقوا فيه – لا سمح الله – سيغني ذلك إسرائيل عن مائة «عملية درع شمال».. حبذا لو نستفيد نحن اللبنانيون من هذه الفرصة لكي نستعيد زخم وحدتنا ويكون ردنا على درع الشمال حكومة وحدة وطنية تشكل درعاً واقية للوطن من كل الأخطار.. وليمت حينها أفيخاي أدرعي غيظاً!.