منذ صعود “داعش” واحتلاله مناطق واسعة من سوريا والعراق، والولايات المتحدة تحض السنَة على قتاله ولم تنظر بعين الرضى الى تصدّي “الحشد الشعبي” الشيعي في العراق للتنظيم الجهادي باعتبار ان من شأن ذلك ان يعطي مفعولاً عكسياً يزيد قوة الجهاديين عوض اضعافهم. وعندما أنشأت واشنطن الائتلاف الدولي الجوي لمقاتلة “داعش” حرصت على ضم الدول السنية الرئيسية في المنطقة إليه لئلا يبدو الائتلاف بمثابة تحالف غربي محض يعيد الى الاذهان التحالف الذي قاده جورج بوش الابن لغزو العراق عام 2003 ومن قبله غزو أفغانستان عام 2001.
ومع الدخول الروسي القوي الى سوريا، باتت الولايات المتحدة في وضع حرج. فالجيش السوري النظامي انتقل من الدفاع الى الهجوم تحت الغطاء الجوي الروسي. وباتت أميركا تخشى ان يستعيد النظام السوري الكثير من المناطق التي تخضع لسيطرة “داعش” بما يعزز مكانة النظام ميدانياً وتالياً في أية تسوية ممكنة. وفي هذه اللحظة اعلنت السعودية عن التحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب وقت تحدث السناتور الاميركي جون ماكين عن ضرورة قيام قوة من مئة الف جندي تتكون من الدول السنية في المنطقة مهمتها التقدم تحت الغطاء الجوي الاميركي في مناطق سيطرة “داعش” في سوريا والعراق. وسارع وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر الى الترحيب بالاعلان السعودي عن التحالف الجديد باعتباره “يتماشى بشكل عام على ما يبدو مع ما نحض عليه منذ فترة وهو اضطلاع الدول العربية السنية بدور أكبر في حملة محاربة داعش”.
إذن التحالف الاسلامي لا يعدو كونه ترجمة لرغبة أميركية في دور سني أكبر في محاربة “داعش”. لكن القفز على أي دور سوري او عراقي او ايراني في هذا التحالف يثير المخاوف من ان يكون هدفه إقامة “محور سنّي” في مواجهة ايران التي سيتعاظم دورها في المنطقة بعد البدء برفع العقوبات الدولية عنها اعتباراً من كانون الثاني المقبل.
كان من المفترض ان يشكل “داعش” هدفاً مشتركاً تجمع على قتاله كل دول المنطقة سواء أكانت سنية أم شيعية ما دام خطر هذا التنظيم يطاول الجميع ويضرب حيث يستطيع في العراق وسوريا والخليج ولبنان ومصر وليبيا واليمن وتونس وفرنسا والولايات المتحدة.
ان اولوية قتال “داعش” يجب ألا تخضع ايضاً للمعيار الطائفي أو لمعيار المصالح الاميركية المحضة على غرار ربطها بتنحي الرئيس السوري بشار الاسد. مثل هذه السياسة ثبت فشلها منذ خمسة اعوام وحتى اليوم.