IMLebanon

الإجتماع المرتقب لكتلة «المستقبل» يترنّح بين تعقيدات الداخل وسلبيات الخارج

التصعيد السياسي بين بكركي وبري وإنهيار الإتفاق الأميركي – الروسي يفرملان مبادرة الحريري

الإجتماع المرتقب لكتلة «المستقبل» يترنّح بين تعقيدات الداخل وسلبيات الخارج

طرح الثلث المعطِّل في حكومة العهد الأولى بقصد حشر مبادرة الحريري في الزاوية

يتفق أكثر من مصدر سياسي، على أن مبادرة الرئيس سعد الحريري لإخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق زجاجة الشروط والشروط المضادة داخلياً ومن ارتباطها الوثيق بالنار المشتعلة في المنطقة لا سيما في الجوار السوري، دونها صعوبات وعقبات تصل إلى حدود الاستحالة، ويذهب بعض هذه المصادر إلى حدّ اعتبار أن المبادرة قد أُجهضت، ولن يكون مصيرها أفضل من كل المبادرات السابقة سواء من الرئيس الحريري نفسه الذي رشّح أحد أركان 8 آذار حليف بشار الأسد، لاعتقاده أن مثل هذا الترشيح يُريح حزب الله والنظام السوري ومعهما إيران ويُفرج عن الاستحقاق الرئاسي، أو المبادرات الأخرى التي حاولت أن تقوم بها بكركي بدعم فاتيكاني أو تلك التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال وبعد زيارته إلى لبنان وفي الرسائل التي بعث بها إلى معظم القيادات اللبنانية.

والشاهد الأول على الصعوبات التي تمر بها مبادرة الرئيس الحريري حتى لا نقول الفشل حرصاً على إعطائها كل مداها هو الرئيس نبيه برّي الذي أعلن صراحة أن معظم الذين التقاهم رئيس التيار الأزرق وأطلعهم على مضمون مبادرته لم يحبّذوا انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، هذا فضلاً عن سلّة الشروط التي وضعها الرئيس برّي في وجه هذه المبادرة والتي أثارت أكبر مرجعية روحية عند الطائفة المارونية البطريرك بشارة الراعي وحملته إلى أن يعتبر من يقبل من المرشحين لرئاسة الجمهورية بهذه السلة يكون فاقداً لكرامته مما حدا بالرئيس برّي إلى الردّ عليه باللغة نفسها ما أثار ردود فعل شديدة اللهجة عند معظم القيادات المارونية بما فيهم رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل المطلوب منه في هذه المرحلة مراعاة الأوضاع عامة، وعدم الدخول في سجالات قد تنعكس سلباً على تقدّم عمّه في السباق إلى قصر بعبدا، وقد توّجت هذه الردود ببيان مجلس المطارنة الموارنة إلى الدَرَك الذي بلغته أوضاع الوطن في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأخلاقية.

البطاركة الموارنة، لم تُثنهم اتصالات التهدئة التي حصلت عن تأكيد تمسكهم بالمواقف التي أطلقها البطريرك الراعي في شأن التقيّد بالدستور الذي تُصاغ حول مبادئه نصّاً وروحاً جميع التفاهمات الرامية إلى الالتزام بهذه المبادئ الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية من دون أن توضع عليه أي شروط مسبقة فهو بكونه حسب المادة 49 من الدستور رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور ولكي يقوم بمهمته الوطنية العليا هذه ينبغي أن يكون حرّاً من كل قيد، وعندئذٍ يكون الرئيس الحَكَم لا الرئيس الطرف ولا الرئيس الصوري.

وإذا كان الرئيس برّي تلقّف بإيجابية نداء مجلس المطارنة الموارنة كما نقل عنه النواب الذين التقوه في يوم الأربعاء النيابي، إلا أنه لم يتراجع عن السلة التي طرحها في وجه مبادرة رئيس التيار الأزرق بل أضاف إليها بنداً يؤدي التمسّك به إلى حشر المبادرة في الزاوية بل أضاف إليها نقطتين أساسيتين الأولى نعيه المبادرة بقوله أن ما يُشاع عن أن الانتخابات الرئاسية حاصلة قريباً غير دقيق، والثاني شرط الثلث المعطِّل في حكومة العهد الأولى، في موقف اعتُبر عودة إلى مربع الشروط ومحاولة تكريس الثلث المعطِّل مستقبلاً وهو الذي أدى إلى استقالة أو إجبار الرئيس الحريري على الاستقالة من الحكومة التي شكّلها بعد اتفاق الدوحة الذي أنتج رئيساً للجمهورية، وقانوناً للانتخابات سمّي في حينه قانون الستين واعتبره انتصاراً وطنياً له وللتيار الوطني الحر.

هذا في الداخل، أما في الخارج فقد كشفت زيارة رئيس التيار الأزرق إلى موسكو ولقائه وزير الخارجية عن تعثّر لمبادرته إخراج الرئاسة في لبنان من عنق زجاجة الشروط والشروط المضادة الداخلية، وعزلها عمّا يجري في المنطقة نتيجة ارتباطها بالأوضاع المتدهورة في سوريا على حدّ ما أبلغه رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف إلى الرئيس الحريري، وأنه يتعيّن على اللبنانيين أن يسلّموا ببقاء الفراغ في سدة الرئاسة إلى أن تنجلي صورة الوضع في سوريا ما يعني بشكل مباشر أن الروس يربطون الوضع اللبناني بالوضع السوري الذي عاد إلى التأزّم بعد انهيار الاتفاق الروسي – الأميركي والعودة إلى المربع الأول، وإلّا ما معنى الكلام الذي صدر عن رئيس الدبلوماسية الروسية ردّاً على مطالبة الحريري بوجوب تدخّل موسكو مع حلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم إيران والنظام السوري لفك عقدة انتخاب رئيس جمهورية للبنان وتحييده بالتالي عن النزاعات والصراعات التي يشهدها الإقليم.

أمام هذا المشهد السوريالي عاد الرئيس الحريري إلى بيروت ليل أمس ليستكمل مشاوراته المحلية والتي ستشمل كما هو معلوم البطريرك الماروني بشارة الراعي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قبل أن يعود إلى كتلته النيابية لاتخاذ القرار بمواصلة مساعيه للخروج من هذه الأزمة أو لتجميدها كونها قد وصلت إلى طريق مسدود.