IMLebanon

لم تقبل… ولكن

 

 

يأمل اللبنانيون أن يتم إنتاج الحكومة خلال أيام وربما خلال ساعات، ليس فقط لأن الرئيس الفرنسي وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، بل خصوصاً لأن الحال العامة في لبنان لا تحتمل، هذه المرة، أي مماطلة وغنج ودلع. فالاستحقاقات الداهمة مصيريةٌ كلها، والناس في عجزٍ كاملٍ عن الإيفاء بأدنى متطلبات الحياة. أما في العموم، فالإنهيار الذي ضرب الإقتصاد والمال يُنذر بسقوطٍ مروّع.

 

نودّ أن نقول بصراحةٍ تامة إن أي تلكؤ، بهدف تحقيق مكاسب سياسية، سيرتد بالكارثة على الجميع وفي المقدّمة المتلكئون أنفسهم.

 

وفي المقابل، نودّ أن نصدّقهم بأن الوحي حلّ عليهم، فضرب فيهم الزهد وباتوا يرتدون مسوح النساك والأولياء. وليؤذن لنا أن ندّعي أن حبل الكذب أقصر من قصير هذه المرة.

 

إن إنتاج الحكومة لا يجوز أن يرتبط بالألعاب السابقة. فلا الظرف هو ذاته، ولا الناس على سجيّتهم ما قبل الرابع من آب الماضي. ولا لبنان ما زال يمتلك الحد الأدنى من المناعة.

 

يُفترض في الحكومة المطلوبة أن تكون عند حسن ظن اللبنانيين قبل أن تكون عند حسن ظن الخارج. إذ إن أدنى المقبول أن تكون مؤلفةً من شخصياتٍ توحي بالثقة بعيدةٍ عن «المألوف» في تشكيل الحكومات عندنا. فلا يؤتى بفلان لأنه يخص هذا أو ذاك من المسؤولين والزعماء.

 

نعرف أنه يتعذّر المجيء بوزراء من الفضاء. ولكن نعرف، ونأمل، أن يكون هؤلاء الآتون إلى الحقائب الوزارية، لهم من العلم والثقافة والأخلاق والمناعة ضد مغريات الفساد (وما أكثرها عندنا) ما يشكّل حاجزاً دون الانحلال ودافعاً إلى النهوض.

 

وإذا كانت فرنسا معنيةً مباشرةً بلبنان بعد الحماسة التي أبداها رئيسها وترجمها بمبادرة وزيارتَين وزيارة ثالثة موعودة، فإن الأميركي لم يترك الساحة كما يظن البعض.

 

واللافت في هذا السياق أن واشنطن لم تُعطِ باريس ضوءاً أخضر مفتوحاً إلى الأبد، إنما أعطتها «فترة سماح» تنتهي فور تشكيل الحكومة، حتى إذا لم تُسجل اعتراضاً على بعض الوزراء مددت الفترة ضمن شروطها التي تبدأ وتنتهي عند موقفها المعروف من إيران وحزب الله.

 

ولقد ذهب محللون غربيون إلى القول إن واشنطن لم تقبل بالدور الفرنسي ولكنها لم ترفضه في المطلق، إذ سمحت له لأنها واثقة، سلفاً، من أنه سيفشل وهي تنتظر على طريقة «wait and see». وهذا ما لا يتمناه اللبنانيون الذين عقدوا آمالاً عريضة على مبادرة إيمانويل ماكرون علّها تشكّل بصيص نور في النفق المظلم.