IMLebanon

فرنسا وسيط رئاسي في الداخل كما في الخارج؟!

 

يدخل لبنان اليوم يومه الثمانين بعد التسعماية من دون رئيس للجمهورية … الدوران في حلقة الشغور المفرغة مستمر وليس في المعطيات الداخلية والخارجية (الدولية والاقليمية والعربية) اية موشرات تفيد ان قطار الحل وضع على السكة الصحيحة مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الى لبنان، وشبكة الاتصالات الواسعة التي اجراها مع القيادات السياسية والنيابية والحزبية، ولم تستثن احدا.

يتبارى الافرقاء اللبنانيون في رمي تهم التعطيل على هذا الجانب العربي او الاقليمي او الدولي …  ويغسلون اياديهم  من هذه المسؤولية، ويتصرفون وكأن انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، ليس مسؤولية لبنانية، بل مسؤولية خارجية بالدرجة الاولى، على ما جرت العادة منذ زمان وزمان… ولا يقيمون وزنا لدور مجلس النواب، الذي هو في طليعة المؤسسات التي تخلت عن دورها وواجباتها.

في تاريخ لبنان، مرة واحدة انتخب فيه الرئيس بفارق صوت، هو الرئيس الراحل سليمان فرنجية… قبل ذلك وبعد ذلك، كانت اللعبة الخارجية والمعادلات الاقليمية هي التي تحدد هوية وشخصية الرئيس ولا مجال للتردد..

وصل وزير خارجية فرنسا الى بيروت اول من امس، وهو يشعر بشيء من الحرج والاحباط .. وعلى ما اشارت المعطيات المتوافرة فكان يسأل كل من يلتقي بهم كيف تقرأون الوضع وكيف السبيل للخروج من الازمة وما الحل؟ ومع تعدد الاجوبة وتناقضها شعر المسؤول الفرنسي بمدى خطورة اللعب على الوقت الضائع… وهو الذي خرق «الممنوعات» والتقى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب محمد رعد، الذي اسهب في شرح المعطيات التي لدى حزبه وتجعله يتمسك (بحدود او بأخرى) بالعماد ميشال عون مرشحا للرئاسة.

في خلاصة ما آلت اليه اللقاءات تأكد للوزير ايرولت انه «يسبح عكس التيار»  وهو الذي التقى المرشحين لرئاسة الجمهورية  على طاولة  العشاء … وان فرصة انجاز الاستحقاق  الرئاسي ليست في ايدي اللبنانيين، ولا بد من العمل  مع ابرز دولتين اقليميتين (محورين) المملكة العربية السعودية وايران…

من قبل اللقاء وعشية الجلسة الــ 42  لانجاز الاستحقاق الرئاسي اليوم الاربعاء، بادر قياديون في «حزب الله» الى اللعب من جديد على اوتار تعطيل الجلسة، شأنه في ذلك شأن «التيار الوطني الحر» حيث رمى نائب الامين العام لــ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم كرة التعطيل في الملعب السعودي، حيث المشكلة  الاساسية تكمن في التدخل الخارجي، وعلينا ان نشير اليها بوضوح  للمعالجة فقد تبين خلال العامين الماضيين ان الجهة الوحيدة التي تقف سدا منيعا وتشترط خيارها هي السعودية … وبقي «الفيتو السعودي مانعا من الانتخاب…» ليخلص الى القول  ان وافقت السعودية يجري الانتخاب غدا … وان لم توافق فالازمة طويلة…؟؟

طبعا، لم يسأل  ايرولت النائب رعد كيف تعطل السعودية انتخاب الرئيس ولم يسأل عن اسماء النواب الذين يحضرون الجلسة والنواب الذين دأبوا على المقاطعة … كل ما في الامر، ان الحزب، اراد ان ينقل المسؤولية ويرميها في غير شباك ايران المتهم الاول في تعطيل  انجاز الانتخابات الرئاسية لاسباب عديدة، من بينها على ما يقول البعض  رفض انجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني بحل الازمة السورية وبما يتوافق مع الاستراتيجية الايرانية المباشرة والبعيدة المدى …. فالرئاسة في لبنان باتت ورقة في يد ايران والثمن المطلوب بات معروفا… وقد عملت فرنسا وعلى غير مستوى لتقريب وجهات النظر بين السعودية وايران ولم تحقق اي انجاز ذي اهمية…

هناك من يعتقد ان «اللاعب الحقيقي» في ملعب الرئاسة اللبنانية هي الولايات المتحدة، التي تمسك العصا من الوسط… فلا هي ترفض بوضوح ولا هي تقبل بوضوح وتترك المسألة لتنضج كما تريد مع الايام…. خصوصا وان ما تطلبه الادارة الاميركية، كما العديد من الدول هو ان يبقى لبنان تحت سقف الامن المضبوط ولا يندفع في اتجاهات الحريق الاقليمي اكثر مما ذهب اليه افرقاء عديدون…

في تقدير عديدين، انه من الصعب ضمن المعطيات المتوافرة الحديث عن نقلات نوعية ممكنة… والدور الذي قام به السفير  السعودي في لبنان علي عواض عسيري وتمثل في العشاء الذي اقامه على شرف قيادات لبنانية لم يصل الى ما كان يتطلع اليه …. والحديث عن زيارة الجنرال ميشال عون  الى المملكة باتت على السنة كثيرين ممن يعتقدون ان زيارة الجنرال دار الفتوى، كانت مجرد اشارة على انه قابل للتكيف مع اي وعاء جديد يوفر له فرصة الوصول الى ما يريد…

 من المبالغة في «غشمنة» الناس، القول ان السعودية تتحمل المسؤولية، وان الحل موجود بين يديها، الا اذا كان المراد هو دفعها للتسليم بمطالب خصومها، وهذا امر مستحيل … ومن المبالغة ايضا الاعتقاد بامكان انجاز الاستحقاق في ظل «الممانعة» الايرانية ممثلة بـ «حزب الله» وحلفائه… وعلى هذا بات الجميع على قناعة ان وزير خارجية فرنسا حضر الى بيروت وليس بين يديه ورقة حل او «مبادرة حل» بل مجموعة افكار استوحاها من الاتصالات التي جرت بين القيادات الفرنسية وآخرين… وهو لا يزال عند رأيه ان الحل هو في يد اللبنانيين انفسهم وهو امر لم يستقم مع قناعات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي كان التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وتمنى عليه استخدام نفوذه لدى المملكة العربية السعودية وايران، لتسهيل اقلاع القطار الرئاسي..؟!