IMLebanon

فرنجية رئيساً باتفاق الرياض – طهران

الاتصال الهاتفي الذي تلقاه أمس النائب سليمان فرنجية من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مشفوعاً بكلام للمطارنة الموارنة الذي تحدث عن “فرصة جدية” هو ذروة مذهلة في تطورات متصلة بالانتخابات الرئاسية التي ظننا انها بعيدة المنال. لكن ومنذ ان بادر الرئيس سعد الحريري الى تبني ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، صار واضحا ان هذا الترشيح يحظى بتغطية خارجية وازنة وفي مقدمتها تزكية السعودية وإيران معاً. علماً انه من النادر إيجاد مساحة مشتركة تجمع الرياض وطهران اللتين تخوضان مواجهات ضارية من باب المندب الى المتوسط. لكن لبنان يشكّل هذه الايام استثناء فكان أن أطل تباعاً مستشار المرشد الايراني علي أكبر ولايتي والسفير السعودي علي عواض عسيري من بيروت ليعلنا دعم بلديهما للفرصة المتاحة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولم يأت هذا التلاقي السعودي – الايراني في لبنان من فراغ بل جاء من رعاية أميركية تولت التحضير منذ أشهر لكي يتحرك الملف الرئاسي المعطل منذ أيار 2014.

لائحة المرجعية المارونية التي ضمت قبل أشهر الاقطاب الموارنة الاربعة: الرئيس أمين الجميّل، العماد ميشال عون، الدكتور سمير جعجع وفرنجية لم يتصوّر واضعوها أن يكون آخر الاسماء فيها أي فرنجية الأول الآن في مضمار السباق.

معطيات عدة متداولة في شأن ما بلغته الانتخابات الرئاسية. ومنها ان واشنطن التي تريد ان ترى لبنان متماسكاً في ظل تداعيات الحرب السورية وجدت أن التفاهم مع طهران على تسوية رئاسية تأتي بشخصية تحظى برضاها هو السبيل الوحيد لتدارك انزلاق لبنان الى الفوضى الشاملة. وعندما نجح هذا التفاهم توجهت واشنطن الى الرياض التي أبدت انها لا تمانع بوصول فرنجية الى قصر بعبدا وهو ما سمعه النائب وليد جنبلاط من مسؤول سعودي كبير في آخر زيارة له الى الرياض. وبعدما استقرت هذه المعادلة تولى الحريري تظهيرها واضعاً ثقلاً ليس متاحاً لغيره في لبنان الامر شكّل صدمة ما زالت أصداؤها تتردد حتى الآن. وكان من نتائجها تصدّع كبير في 8 و14 آذار على السواء.

من حسن طالع فرنجية أنه حتى كتابة هذا المقال لم يعترض علناً على تقدمه في السباق الرئاسي القياديين الأبرزين في 8 و14 آذار وهما عون وجعجع. وبفضل هذين القطبين حظي فرنجية بسمعة وسطية على رغم ان سمعته كحليف وثيق الصلة برئيس النظام السوري ما زالت ذائعة. وفي المعلومات أن الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سيتولى التعامل مع عون فيما تتولى الرياض التعامل مع هواجس جعجع. أما ما قيل عن تصدّع في بيت “المستقبل” فالامر منوط بالزمن والنتائج المتأتية عن فتح صفحة جديدة في لبنان قد يكون من باكورة ثمارها انفراجات معيشية واقتصادية وإدارية . من مزايا التسويات انها ليست حلوة المذاق لا بل على العكس تتمتع بمرارة. وعلى ما يبدو ان قطار الرياض – طهران انطلق بفرنجية الى قصر بعبدا.