IMLebanon

فرنسا لن تسير بتسوية لا يُوافق عليها الفريق الشيعي ولن تتبنّى تسوية تتسبّب بعزل المسيحيين وإقصائهم 

 

 

لم تطفىء الإدارة الفرنسية محركاتها سعيا الى إحداث فرق عن الآخرين او خرق في الأزمة الرئاسية، فما ان يغادر الموفد الرئاسي جان إيف لودريان حتى يعود كما يشارك في «اللقاء الخماسي» في الدوحة، ومع ذلك لا تقدم بعد في الملف الرئاسي ليس فشلا فرنسيا، بل بسبب العقد الرئاسية الكبرى.

 

لودريان الذي يستعد للعودة في الأيام المقبلة، غادر لبنان قبل فترة خالي الوفاض، باستثناء ما حمله من انطباعات سلبية عن انقسام اللبنانيين وبقاء كل فريق على موقفه الرئاسي، بتكتل المسيحيين على نهج تقاطعهم الرئاسي «المصطنع» ، مقابل المزيد من الإصرار لدى «الثنائي الشيعي» على مرشحه للرئاسة.

 

ومع ذلك، لم تتوقف المساعي للوصول الى حل للمعضلة الرئاسية، على الرغم من المطبات الكثيرة وادراك الفرنسيين تشعبات الوضع اللبناني وتعقيداته، مع بقاء كل فريق لبناني على مقارباته الرئاسية.

 

وبالطبع، فان الاهتمام الفرنسي بالشأن اللبناني ليس عاديا، اذ يصر الفرنسيون على القيام  بالدور الاستثنائي في بلد له مكانته الخاصة لفرنسا، ونظرا لموقعه الاستراتيجي والحيوي بالنسبة الى الفرنسيين، مما يدفعهم الى التمسك بالورقة اللبنانية وتجديد الدور الفرنسي كل فترة، كما يحاول الفرنسيون إبقاء الملف اللبناني تحت السيطرة والمراقبة، فلا ينتقل الدور الى لاعبين دوليين آخرين.

 

الدور الفرنسي خضع لتساؤلات كثيرة في ظل الانتقادات التي قيلت حول انحياز فرنسي الى فريق لبناني وتخليها عن المسيحيين، على الرغم من السعي الفرنسي الدائم الى إقامة توازن في التعامل مع الأطراف المؤثرة في القرار، وكل ذلك لم يمنع أطراف لبنانية من الإشارة الى حصول تبدل جوهري في النظرة الفرنسية الى الملف اللبناني، وانتقال باريس الى الإهتمام بأولويات تأمين مصالحها واستثماراتها ومشاريعها، على حساب علاقتها بالمسيحيين وما يريده المجتمع المسيحي، وان الفرنسيين باتوا اليوم على تنسيق وتواصل مع القوى الأقوى والممسكة بالقرار السياسي، فمصلحة الفرنسيين اليوم التقرب من الطرف الأقوى والأكثر تأثيرا في لبنان، بدلا من المسيحيين المنقسمين بخلافاتهم.

 

احتفال السفارة الفرنسية بالعيد الوطني الفرنسي، عكس ما خفي من تجاذبات بالكلام الوداعي للسفيرة آن غريو، التي ثبتت نظرية اللوم والعتب المتبادلين من جهة فرنسا وما سبقه من المسؤولين اللبنانيين. السفيرة الفرنسية قدمت» دفاعا» طويلا موثق بالوقائع والأحداث عن التدخل الفرنسي لمساعدة لبنان في المحن الأمنية والاقتصادية والاجتماعية منذ انفجار مرفأ بيروت وحضور الرئيس ايمانويل ماكرون، وعرضت السفيرة مسار المساعدات في قصر الصنوبر وسباق الخيل والمرفأ، فضلا عن الحضور الفرنسي في قوات اليونيفل، موجهة سؤالا الى المسيحيين حول دعم التعليم والمدارس المسيحية، الأمر الذي اعتبر موجها الى القوى المسيحية التي تنتقد.

 

وصار مؤكدا ان فرنسا لن تسير بتسوية لا يوافق عليها الفريق الشيعي، وبالمقابل ايضا لن يتبنى الفرنسيون تسوية تتسبب بعزل المسيحيين واقصائهم. ومن هذا المنطلق ستستمر المبادرة الفرنسية، وسيعود لودريان بـ «تخريجة» رئاسية بعد تدوير الزوايا وإيجاد متنفس ولو بسيط لاراحة الوضع الرئاسي.